للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم كانوا يقولون بعد وفاة الرسول : «السَّلامُ على النَّبيِّ ورحمة الله وبركاته» (١) فهذا مِن اجتهاداتِه التي خالَفه فيها مَنْ هو أعلمُ منه؛ عُمرُ بن الخطَّاب ، فإنه خَطَبَ النَّاسَ على مِنبر رسول الله وقال في التشهُّدِ: «السَّلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمة الله» كما رواه مالك في «الموطأ» بسَنَدٍ من أصحِّ الأسانيد (٢)، وقاله عُمرُ بمحضر الصَّحابة وأقرُّوه على ذلك.

ثم إن الرَّسولَ علَّمه أمَّته، حتى إنه كان يُعَلِّم ابنَ مسعود، وكَفُّه بين كفَّيه (٣) من أجل أن يستحضر هذا اللَّفظَ، وكان يُعلِّمُهم إيَّاه كما يُعلِّمُهم السُّورة من القرآن، وهو يعلم أنه سيموت؛ لأن الله قال له: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ *﴾ [الزمر] ولم يقلْ: بعد موتي قولوا: السَّلامُ على النَّبيِّ، بل عَلَّمَهم التشهُّدَ كما يُعلِّمُهم السُّورةَ من القرآن بلفظها. ولذلك لا يُعَوَّلُ على اجتهاد ابن مسعود، بل يُقال: «السَّلامُ عليك أيُّها النبيُّ».

قوله: «أيُّها النبيُّ» مُنادى حُذفت منه ياء النداء، والأصل: يا أيها النبيُّ، وحُذفت ياء النداء لكثرة الاستعمال والتخفيف، والبداءة بالكناية لرسول الله .

ويُقال: النَّبيءُ بالهمزة، ويقال: النَّبيُّ بتشديد الياء بدون همزة.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الاستئذان، باب الأخذ باليد (٦٢٦٥).
(٢) الموطأ، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة (٢٤٠).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الاستئذان، باب الأخذ باليدين (٦٢٦٥)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة (٤٠٢) (٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>