للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٩ - (د ت) وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ أولَ ما دخلَ النقْصُ على (١) بني إسرائيل: أنه كان الرجلُ يلقى الرَّجُلَ، فيقولُ له: يا هذا اتق الله، ودَعْ ما تَصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيلَه وشريبَه وقَعيدَه، فلما فعلوا ذلك، ضَرَبَ اللهُ قُلوبَ بعضِهم ببَعضٍ. ثم قال: {لُعِنَ الذين كفروا من بني إسرائيلَ على لسان داودَ وعيسى ابن مريمَ ذلك بما عَصَوْا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهَون عن منكرٍ فعلوه لبئسَ ما كانوا يفعلون * ترى كثيرًا منهم يَتَوَلَّون الذين كفروا لبئسَ ما قَدَّمَت لهم أنفُسُهم} - إلى قوله - {فاسقون} [المائدة: الآيات ٧٨ - ٨١] ثم قال: كلَاّ والله، لتأمُرُنَّ بالمعروف، ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، ولَتأخُذُنَّ على يَدِ الظَّالم، ولَتَأطِرُنَّهُ على الحق أطْرًا، أو لَتَقْصُرُنَّهُ على الحقِّ قصرًا» . ⦗٣٢٨⦘

زاد في رواية: «أو ليَضْربنَّ اللهُ بقُلوب بعضكم بعضًا، ثم لَيَلْعنَنَّكُم كما لَعَنهم» . هذه رواية أبي داود.

ورواية الترمذي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لما وقَعَتْ بنو إسرائيل في المعاصي، نَهتْهُم علماؤهم، فلم ينتَهُوا، فجالَسُوهُمْ (٢) في مَجَالِسِهِم، وآكَلُوهم وشَاربوهم، فضربَ اللهُ قُلُوبَ بعضهِم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عَصَوْا وكانوا يعتدون» فجَلسَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وكان مُتَّكئًا، فقال (٣) : «لا، والذي نفسي بيده، حتى تأطِروهم على الحق ⦗٣٢٩⦘ أطرًا (٤) » .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

أكيله وشريبه وقعيده: الأكِيل والشَّريب والقَعيد: المؤاكل والمشارب، والمقاعد: المجالس، وهذا البناء فَعيل بمعنى مفاعل.

لتأطرنه: الأطر: العطف، أي: لتعطفونه، وتردونه إلى الحق الذي خالفه.

لتقصرنه: القصر: الحبس، يقال: قصرتُ نفسي على الشيء، أي: حبستها عليه.


(١) وفي نسخة: في.
(٢) قوله: " فجالسوهم " أي العلماء في مجالسهم: أي في مجلس بني إسرائيل العصاة ومساكنهم، و " آكلوهم " بمد الهمزة من المؤاكلة مفاعلة للمشاركة في الأكل؛ وكذا قوله: " وشاربوهم " وقوله " فضرب الله " أي خلط قلوب بعضهم ببعض، يقال: ضرب اللبن بعضه ببعض: أي خلطه. ذكره الراغب، وقال ابن مالك: الباء للسببية، أي سود الله قلب من لم يعصه بشؤم من عصى، فصارت قلوب جميعهم قاسية بعيدة عن قبول الحق والخير والرحمة، بسبب المعاصي ومخالطة بعضهم بعضاً. أو ألقى بينهم العداوة، وقوله: قلب من لم يعص: ليس على إطلاقه، لأن مؤاكلتهم ومشاربتهم من غير إكراه وإلجاء، بعد عدم انتهائهم عن معاصيهم - معصية ظاهرة، لأن مقتضى البغض في الله أن يبعدوا عنهم، ويهجروهم ويقاطعوهم ولا يواصلواهم، ولذا قال " فلعنهم " أي العاصين، والساكتين والمصاحبين، ففيه تغليب.
(٣) قوله: فقال: " لا " أي: لا تعذرون، أو لا تنجون من العذاب أنتم أيتها الأمة حتى تأطروهم: بهمزة ساكنة ويبدل وبكسر الطاء، أطراً: بفتح الهمزة مفعول مطلق للتأكيد، أي حتى تمنعوا أمثالهم من أهل المعصية، وإن لم ينتهوا من أفعالهم، فتمتنعوا أنتم عن مواصلتهم ومؤاكلتهم ومجالستهم.
وقال الشارح: الأطر: الإمالة والتحريف من جانب إلى جانب، أي حتى تمنعوا الظلمة والفسقة عن الظلم، وتميلوهم عن الباطل إلى الحق، وفي الفائق: " حتى " متعلقة بـ " لا ". كأن قائلاً قال له عند ذكره مظالم بني إسرائيل: هل نعذر في غلبة الظالمين وشأنهم؟ فقال: لا، حتى تأطروهم وتأخذوا على أيديهم، والمعنى: لا تعذرون حتى تجبروا الظالم على الإذعان للحق وإعطاء النصفة للمظلوم، واليمين معترضة بين " لا " و " حتى "، وليست هذه بتلك التي يجيء بها المقسم تأكيداً لقسمه.
(٤) أبو داود رقم (٤٣٣٦) في الملاحم: باب الأمر والنهي. والترمذي رقم (٣٠٥٠) في أبواب تفسير القرآن: باب ٤٨ من تفسير سورة المائدة وحسنه، ورواه ابن ماجة رقم (٤٠٠٦) في الفتن: باب الأمر بالمعروف، والطبري ١٠/٤٩١، وفي سنده عند الجميع انقطاع، لأن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه كما نص عليه غير واحد. وفي الباب عن أبي موسى عند الطبراني، قال الهيثمي في " المجمع " ٧/٢٦٩: ورجاله رجال الصحيح.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (١/٣٩١) (٣٧١٣) قال: حدثنا يزيد، قال: أنبأنا شريك بن عبد الله، عن علي بن بذيمة. وأبو داود (٤٣٣٦) قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، قال: حدثنا يونس بن راشد، عن علي بن بذيمة. وفي (٤٣٣٧) قال: حدثنا خلف بن هشام، قال: حدثنا أبو شهاب الحناط، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو ابن مرة، عن سالم. وابن ماجة (٤٠٠٦) . والترمذي (٣٠٤٨) - قال ابن ماجة: حدثنا محمد بن بشار، وقال الترمذي: حدثنا بندار، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي وأملاه عليّ، قال: حدثنا محمد ابن مسلم بن أبي الوضاح، عن علي بن بذيمة. والترمذي (٣٠٤٧) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شريك، عن علي بن بذيمة.
كلاهما - علي بن بذيمة، وسالم الأفطس- عن أبي عُبيدة، فذكره.
* أخرجه ابن ماجة (٤٠٠٦) ، والترمذي (٣٠٤٨) قال ابن ماجة: حدثنا محمد بن بشار، وقال الترمذي: حدثنا بندار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكره مرسلاً (ليس فيه عبد الله بن مسعود) .
قلت: أبو عبيدة، اسمه كنيته، لم يلق أباه، ومدار الطرق عليه كما ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>