للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منحة السلوك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأما إيجابه طهارة الحدث: فصحيح؛ لكن طهارة الحدث، ليست أسبابها منحصرة في النجاسات، فإن الطهارة الصغرى تجب من مس الفرج، ومن لحوم الإبل، ومن الريح، ومن الردة، وقد كانت تجب في صدر الإسلام من كل ما غيرته النار، وكل هذه الأسباب غير نجسة.
والطهارة الكبرى: تجب بالإيجاب إذا التقى الختانان ولا نجاسة، وتجب بالولادة التي لا دم معها، والولد طاهر، وتجب بالموت، ولا يقال: هو نجس.
فقولهم: إنما أوجب طهارة الحدث، أو أوجب الاغتسال نجس. منتقض بهذه الصور، فبطل طرده (أ).
وللرد على دليلهم الرابع:
وهو قياسهم المني على جميع الخارجات بجامع اشتراكهن في المخرج.
فنقول: الجواب عليه من عدة أوجه:
الوجه الأول: لا نسلم أنه يجري في مجرى البول، فقد قيل: إن بينهما جلدة رقيقة، وأن البول إنما يخرج رشحًا، ولا بد من بيان اتصالهما، وليس ذلك معلومًا إلا في ثقب الذكر، وهو طاهر، أو معفو عن نجاسته.
الوجه الثاني: أنه لو جرى في مجراه، فلا نسلم أن البول قبل ظهوره نجس؛ بل طاهر.
الوجه الثالث: أنه لو كان نجسًا، فلا نسلم أن المماسة في باطن الحيوان موجبة للتنجس.
يؤيد هذا قوله تعالى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [سورة النحل، الآية: ٦٦]. ولو كانت المماسة في الباطن للفرث مثلًا، موجبة للنجاسة؛ لنجس اللبن، فخروج اللبن من بين الفرث، والدم أشبه شيء بخروج المني من مخرج البول (ب).
وللرد على دليلهم الخامس:
وهو: النظر إلى أصله، بأنه دم استحال إلى مني.
نقول: إن هذا منقوض بالآدمي، وبمضغته فإنهما مستحيلان عنه وبعده عن العلقة وهي =

<<  <  ج: ص:  >  >>