للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منحة السلوك

فإن قلت: لم قدَّرت المحذوف متأخرًا؟

قلت: لفائدة الاختصاص الذي يحصل بتقديم الاسم، وتأخير الفعل، كما في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] (١).

فإن قلت: لم قدم الفعل على الاسم في قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١]؟.


= ولحذف العامل في "بسم الله" فوائد عديدة منها: أنه موطن لا ينبغي أن يتقدم فيه سوى ذكر الله فلو ذكرت الفعل وهو لا يستغني عن فاعله كان ذلك مناقضًا للمقصود فكان في حذفه مشاكلة اللفظ للمعنى، ليكون المبدوء به اسم الله، كما تقول في الصلاة: الله أكبر، ومعناه: من كل شيء، ولكن لا تقول: هذا القدر، ليكون اللفظ مطابقًا لمقصود الجنان، وهو أن لا يكون في القلب، إلا ذكر الله وحده، فكما تجرد ذكره في قلب المصلي تجرد ذكره في لسانه.
ومنها: أن الفعل إذا حذف، صح الابتداء بالتسمية في كل عمل، وقول، وحركة، وليس فعل أولى بها من فعل، فكان الحذف أعم من الذكر، فأي فعل ذكرته، كان المحذوف أعم منه.
الكشاف للزمخشري ١/ ٤، الانتصاف في مسائل الخلاف ١/ ٤، إعراب القرآن للنحاس ١/ ١٦٦، بدائع الفوائد ١/ ٢٥، معالم التنزيل ١/ ٢٣.
(١) لأنه أهم وأدل على الاختصاص، وأدخل في التعظيم، وأوفق للوجود، فإن اسم الله تعالى، مقدم على القراءة، كيف وقد جعل آلة لها؟ من حيث أن الفعل لا يعتد به شرعًا، ما لم يصدر باسمه تعالى، وقد كانوا يبدؤون بأسماء آلهتهم فيقولون باسم اللات، باسم العزى فوجب أن يقصد الموحد معنى اختصاص اسم الله عز وجل بالابتداء، وذلك بتقديمه، وتأخير الخبر، والدليل عليه قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [سورة هود، الآية: ٤١].
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري ١/ ٥، الانتصاف ١/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>