للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منحة السلوك

قلت: هذا أوَّل ما أُنزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- (١) فكان الأمر (٢) بالقراءة أهم لتبليغ الرسالة فلذلك قُدِّمَ (٣).

فإن قلت: لفظة الله، اسمٌ، أو صفةٌ؟

قلت: اسم غير صفة (٤). ألا يُرى أنَّك تصِفه، ولا تصف به، فتقول:


(١) روى البخاري في صحيحه (أ) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أول ما بديء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه -وهو التعبد في الليالي ذوات العدد- قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ قال: "ما أنا بقاريء" قال: "فأخذني فغطني حتى بلغ من الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقاريء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ من الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقاريء، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [سورة العلق، الآيات: ١، ٢، ٣].
(٢) في ق، ر، م، ي، ص بزيادة "فيه".
(٣) الكشاف للزمخشري ١/ ٥، تفسير النسفي ١/ ٤، جامع البيان في تأويل آي القرآن ١/ ٧٨، إعراب القرآن للنحاس ١/ ١٦٦.
(٤) بل هو اسم، وصفة، علم على الذات المقدسة، ودال على صفة الإلهية، كسائر أسماء الله الحسنى كالعليم، والقدير، والغفور، والرحيم، والسميع، والبصير، فأسماء الله دالة على صفات كماله، وهي مشتقة من الصفات، فهي أسماء، وأوصاف. وبذلك كانت حسنى، إذ لو كانت ألفاظًا لا معاني فيها لم تكن حسنى، ولا كانت دالة على مدح، ولا كمال. فالله اسم من أسمائه تبارك وتعالى، كما يدل على الذات، والصفة، التي اشتق منها، بالمطابقة، فإنه يدل دلالتين، أخريين بالتضمن، واللزوم فيدل على الصفة بمفردها بالتضمن، وكذلك على الذات المجردة عن الصفة، ويدل على الصفة الأخرى باللزوم، فإن اسم "السميع" =

<<  <  ج: ص:  >  >>