للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفعه الله به، وجعله سببًا لترقيه إلى أعلى مراتب سعادة الآخرة، والله الموفق.

منحة السلوك

قوله: نفعه الله به، وجعله سببًا لترقيه (١) إلى أعلى مراتب سعادة الآخرة.

أقول: أي نفع الله بعض إخواني في الدين بهذا المختصر.

هذه جملة دعائية إخبار في معنى الإنشاء، تقديره: اللهم انفعه به، أي: وفقه وارزقه العمل بما فيه؛ لأنه حين يعمل بما فيه، يهديه إلى صراط مستقيم، ويرشده إلى منهج قويم.

قوله: "وجعله سببًا لترقيه": أي جعل الله هذا المختصر، سببًا لترقي بعض إخواني في الدين، الذي يشتغل فيه، ويعمل بما فيه، إلى أعلى مراتب الآخرة، وهو نظره إلى ربه الكريم (٢)، من غير كيف ولا تشبيه (٣)، ولا قرب


(١) رقى إلى الشيء رُقيًّا ورُقوًّا، وارتقى يرتقي وتَرَقَّى: صَعِد.
لسان العرب ١٤/ ٣٣١ مادة رقا، مختار الصحاح ص ١٠٧ مادة ر ق ي، المصباح المنير ١/ ٢٣٦ مادة رَقَيْتُهُ.
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ورؤيته سبحانه هي أعلى مراتب نعيم الجنة، وغاية مطلوب الذين عبدوا الله مخلصين له الدين، وإن كانوا في الرؤية على درجات على حسب قربهم من الله ومعرفتهم به".
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٦/ ٤٨٥.
(٣) لقد شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- رؤية الشمس والقمر، برؤية الله، من حيث أنهم يشاهدون الله عيانًا دون حجاب، كما يشاهدون الشمس والقمر عيانًا، دون سحاب. يقول أبو هريرة -رضي الله عنه- إن ناسًا قالوا لرسول الله: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: فإنكم ترونه كذلك "متفق عليه" (أ). فشبه الرؤية بالرؤية، لا المرئي بالمرئي. =

<<  <  ج: ص:  >  >>