للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويدل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة» على التعب والجوع الذي لحق الأصحاب -رضي الله عنهم-، فأراد أن ينشطهم بما قال، ويرغبهم فيما عند الله -عز وجل-، ولا ريب أنه -صلى الله عليه وسلم- لحقه من الجوع والتعب ما لحقهم، ورغم هذا لما عرضت الكدية للصحابة وأعياهم كسرها، لا ريب أنهم شكوا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمرهم أن يرشوها بالماء، والكدية: صخرة أمد الله -عز وجل- رسوله -صلى الله عليه وسلم- بقوة ظهرت من خلا ضربه لها معجزة، فقد ضربها «بمعول أو مسحاة» شك الراوي وهما لآلتان: المعول للكسر، والمسحاة للحفر، فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمعول «فعادت كثيبا أهيل» أي: تفتت حتى صارة كثبة من الرمل تهال باليد دون هناء، ظهرت المعجزة فقد حدث هذا بعد أن عجز عنه الجم الغفير من الصحابة، فكان عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رغم ما ظهر عليه من التعب والجوع، فلما رأى جابر -رضي الله عنه-، استأذن وانصرف إلى أمرأته واسمها سهيلة رضي الله عنها، وذكر لها ما رأى من حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: عندي صاع من شعير وعناق، العناق: الصغيرة من المعز، وهيأت ذلك كله، فرجع جابر -رضي الله عنه- ليدعو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت امرأته: صحيح؟ لا تفضحني برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبمن معه (١)، قوله: «طعيم» فيه تحقير وتقليل إشارة إلى اختصاصه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن الرحمة المهداة تأبا ذلك، فأمره بالعودة إلى امرأته، «ولا تخرج الخبر من التنور» وأشمل من هذا قوله: «لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء» (٢)، لتناله من الله بركة


(١) البخاري حديث (٤١٠٢) ومسلم حديث (٢٠٣٩).
(٢) البخاري حديث (٤١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>