للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبالعودة إلى الذنب بعد التوبة، وليس هذا معارضا لما في الحديث القدسي «أذنب عبدي ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك» (١)، فليس المراد أن يعمل ما شاء على الإطلاق، بل هذا مقيد بأحاديث عدم قبول التوبة، كأن تكون عند النزع الأخير، إذا بلغت النفس الحلقوم، أو فجأة الموت وهو على معصية، أو عنده معاص لم يتب منها، ومعلوم أن التوبة لا تقبل عند فوات الأوان، وفوات الأوان إذا حضره الموت، قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (٢)، فإن توبة من هذا حاله لا تقبل، ولذلك لم تقبل توبة فرعون فإنه قال لما أدركه الغرق: {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (٣)، فقال الله -عز وجل-: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ


(١) مسلم حديث (٢٧٥٨).
(٢) الآية (١٨) من سورة النساء.
(٣) الآية (٩٠) من سورة يونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>