للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العاص -رضي الله عنه- مسلما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأراد أن يبايعه على ذلك قال: «أبسط يمينك فلأبايعنك يا رسول الله، فبسط الرسول -صلى الله عليه وسلم- يمينه، فقبض عمرو يده، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مالك يا عمرو؟! قال عمرو -رضي الله عنه-: أردت أن أشترط، قال: تشترط ماذا؟ قال: أن يُغفر لي، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله» (١) وقد وعد الله -عز وجل- من تاب وآمن وعمل صالحا أن يبدل سيئاتهم حسنات، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٢).

قوله: «وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلَامِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ».

ليس في هذا مخالفة لما أجمع عليه العلماء من أن الإسلام يجب ما قبله، عملا بما تقدم بيانه؛ لأن المراد من أساء في توبته من المآثم بالعودة إليها مرة أو مرات، لم تكن توبته نصوحا، فهذا لم يحقق شروط التوبة، فإن أي توبة كانت من كفر أو مما دونه يشترط لها ثلاثة شروط:

الأول: الإقلاع عن الذنب، إن كان كفرا فبالإسلام، وإن كان مما دونه فبتركه مطلقا.

والثاني: العزم على عدم العودة إلى ذلك أبدا.

والثالث: الندم المستمر على الوقوع فيه فيما مضى، فمن أخلّ وعاد إلى ذنب تاب منه، فإنه إن مات على ذلك، كان مؤاخذا بما عمل قبل التوبة،


(١) مسلم حديث (١٩٢).
(٢) الآية (٧٠) من سورة الفرقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>