للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: «إنا كنا أهل جاهلية وعبادة أوثان، فكنا نقتل الأولاد».

هكذا ترد الأسئلة عما كان يفعله الناس في الجاهلية، باحثين عن التصحيح، والتحلل من عادات الجاهلية وتبعاتها، روى هذا الصحابي -رضي الله عنه- أنهم كانوا يقتلون الأولاد، وقد علم أن الإسلام حرّم ذلك، لكن أهمه ما أقدم عليه في الجاهلية، وأراد أن يعلم أمره بعد أن أسلم، ولم يكن القتل في الجاهلية خاصا بالبنات، بل كان منهم من يقتل ولده خشية الفقر، أو من شدة الفقر، وكان ذلك في الإسلام من الكبائر، سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك» (١)، ونزل القرآن تصديقا لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (٢)، وأد البنات من عادات الجاهلية، حرمها الإسلام، وكان هذا الذنب عظيما في الإسلام؛ لأن هذا المخلوق تكفّل الله -عز وجل- برزقه وهو في بطن أمه، وتكفل برزقه بعد ذلك ما دام حيا، وهو داخل في عموم قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (٣)، فالاعتداء عليه ظلم له، فنهى الله -عز وجل- عن ذلك


(١) البخاري حديث (٤٣٧٩).
(٢) الآية (٦٨) من سورة الفرقان.
(٣) الآية (٦) من سورة هود.

<<  <  ج: ص:  >  >>