للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةَ، وعَاصِمٌ، وأَبو عُثْمَانَ، هو النهدي، وسَعْدُ ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، -رضي الله عنه-، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأَبو بَكْرَةَ، -رضي الله عنه-.

الشرح:

هذا من الاهتمام بصحة الأنساب في الإسلام، قال ابن بطال رحمه الله: " فإن قال قائل: ما وجه هذا الحديث وقد كان من خيار الناس من ينسب إلى غير أبيه، كالمقداد ابن الأسود الذى نسب إليه، وإنما هو المقداد بن عمرو، ومنهم من يدعى إلى غير مولاه الذى أعتقه، كسالم مولى أبى حذيفة، وإنما هو مولى امرأة من الأنصار، وهؤلاء خيار الأمة؟، قيل: لا يدخل أحد منهم في معنى هذه الأحاديث، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا لا يستنكرون ذلك أن يتبنى الرجل منهم غير ابنه الذى خرج من صلبه فنسب إليه، ولا أن يتولى من أعتقه غيره فينسب ولاؤه إليه، ولم يزل ذلك أيضا في أول الإسلام حتى أنزل الله {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} الآية (١)، ونزلت {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} الآية (٢)، فنسب كل واحد منهم إلى أبيه ومن لم يعرف له أب ولا نسب، عرف مولاه الذى أعتقه وألحق بولائه عنه غير أنه غلب على بعضهم النسب الذى كان يدعى به قبل الإسلام، فكان المعروف لأحدهم إذا أراد تعريفه بأشهر نسبه عرفه به من غير انتحال المعروف به، ولا تحول به عن نسبه وأبيه الذى هو أبوه على الحقيقة رغبة عنه فلم تلحقهم بذلك نقيصة، وإنما لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- المتبرئ من أبيه، والمدعى غير نسبه، فمن فعل ذلك فقد ركب من الإثم عظيما، وتحمل من الوزر جسيما، وكذلك المنتمي إلى غير مواليه.

فإن قيل: فتقول للراغب في الانتماء إلى غير أبيه ومواليه كافر بالله، كما روى عن أبى بكر الصديق أنه قال: كفرٌ بالله ادعاء نسب لا يعرف، وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: كان مما يقرأ في القرآن: " لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم "، فقيل: ليس معناه الكفر الذى يستحق عليه التخليد في النار، وإنما هو كفر لَحْقِ أبيه،


(١) من الآية (٤) من سورة الأحزاب.
(٢) من الآية (٥) من سورة الأحزاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>