للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذا استفتاء فيما رأى أبو موسى وقد أنكره لحداثته، إذ لم يكن معهودا من قبل، وأقر بخيرية ما رأى، فيما ظهر له.

قوله: «قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئاً انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتِظَارَ أَمْرِكَ، قَالَ: أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ».

المراد أن ابن مسعود فهم أنه عمل محدث يجب إنكاره والتنبيه على عدم شرعيته، ولم يقل لهم أبو موسى -رضي الله عنه- رغم أنه أنكر صفته، ليسمع رأي فقيه الصحابة -رضي الله عنه-، فقال: لو أمرتهم أن يحصوا سيئاتهم، لعلهم يتداركون نها أو شيئا منه، وبينت لهم أن حسناتهم محفوظة؛ لأن الله -عز وجل- قال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (١)، والمراد بالإيمان جميع الطاعات، ومنه ما صنع هؤلاء من الذكر، المحدثة طريقته، بل وحتى السيئات محصية على أصحابها قال -عز وجل-: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٢).

قوله: «ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِى أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ، قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ».


(١) من الآية (١٤٣) من سورة البقرة.
(٢) الآية (٨) من سورة الزلزلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>