للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المراد أن الحلقات أكثر من واحدة، مضى إليها ابن مسعود ومن معه، فأنكر عليهم ما أحدثوا، فذكروا له أن يعدون الذكر بالحصى، لإحصاء عدد ما ذكرو الله -عز وجل-.

ولا ريب أن ما صنعوا لم يكن معهودا وأنه رأي جد في طريقة الذكر، ليس له أساس من كتاب ولا سنة.

قوله: «وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ، هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ -رضي الله عنهم- مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي فِي يَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ، أَوْ مُفْتَتِحِوا باب ضَلَالَةٍ».

بين لهم ابن مسعود -رضي الله عنه- أنهم أسرعوا إلى المحدثات، فأسرعوا إلى الهلاك بمخالفتهم الهدي النبوي فيما صنعوا، وذلل على سرعة الانحراف عن الجادة مع وجود الكثرة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يسترشدوهم فيما فعلوا، وليس موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم ببعيد، ولا زالت ثيابه لم تخلق، وآنيته سالمة من العطب، ثم وبخهم فقال: إما أنكم على طريقة هي أحسن من طريقة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه -رضي الله عنهم-، وحاشا أن يكونوا كذلك، أنهم افتتحوا بفعلهم باب ضلالة وهو الحق.

قوله: «قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلاَّ الْخَيْرَ، قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَنَا: أَنَّ قَوْماً يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِى لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ».

هذا يؤكد ما ذكر ابن مسعود من أنهم أسرعوا إلى الهلكة، وافتتحوا باب ضلالة، ولا ريب أنهم أرادوا الخير فلم يعرفوا طريقه المرسوم، فكانو من

<<  <  ج: ص:  >  >>