للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: «قَالَ: فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لا».

سأله عن النية والقصد، فبين له أنه لم يخرج لحاجة سوى العلم، ولهذا عظم الأجر، لأهمية طلب العلم والإخلاص فيه، وهذا مما يندرج تحت الخروج في سبيل الله -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك أخبره أبو الدرداء فقال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ بِهِ عِلْماً سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ».

المراد أن من سار في طريق إلى مجالس العلم، وفقه الله -عز وجل- ليسلك بالعلم طريقا يوصله إلى الجنة، والمراد بالعلم علم الشريعة.

قوله: «فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضاً لِطَالِبِ الْعِلْمِ».

المراد أنها تتواضع إجلالا لطالب العلم، وإكراما لما هو فيه من العمل. قوله: «وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ».

هذا من تعظيم طلب العلم، وعظم الله طالبه وكرمه، وجعل هذه المخلوقات تجله وتستغفر له، لجلالة ما هو فيه من العمل، ولذلك قال الله -عز وجل-: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} (١)، فالصلاة من الله -عز وجل- الرحمة والبركة، ومن الملائكة وغيرهم الدعاء والاستغفار.

قوله: «وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ». في هذا بيان مكانة العالم وتميزه عن العابد وتقدم قوله -صلى الله عليه وسلم- برقم ٢٩٦ - (٢): «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (٢)، إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ وَالنُّونَ فِي الْبَحْرِ، يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الْخَيْرَ» (٣).

قوله: «إنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلَا دِرْهَماً، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ».


(١) من الآية (٤٣) من سورة الأحزاب.
(٢) من الآية (٢٨) من سورة فاطر.
(٣) هذا مرسل سنده حسن، أخرجه الترمذي موصولا من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- حديث (٢٦٨٥) وقال: هذا حديث حسن غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>