للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن الأنبياء عليهم السلام هم أنصح الخلق للأمم ولذلك قال الله -عز وجل- لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (١).

قال الحسن البصرى رحمه الله: ما زال لله ناس ينصحون لله في عباده، وينصحون لعباد الله في حق الله عليهم، ويعملون له في الأرض بالنصيحة، أولئك خلفاء الله في الأرض.

وقال الآجري رحمه الله: والنصيحة لرسول الله على وجهين: فنصيحة من صاحبه وشاهده، ونصيحة من لم يره.

فأما صحابته، فإن الله شرط عليهم أن يعزروه ويوقروه وينصروه، ويعادوا فيه القريب والبعيد، وأن يسمعوا له ويطيعوا، وينصحوا كل مسلم، فوفوا بذلك وأثنى الله عليهم به.

وأما نصيحة من لم يره: فأن يحفظوا سنته على أمته وينقلوها ويعلموا الناس شريعته ودينه ويأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، فإذا فعلوا ذلك فهم ورثة الأنبياء.

ويذكر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه مر يوما في السوق بقوم مشتغلين بتجاراتهم فقال: " أنتم هاهنا، وميراث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم في المسجد؟ فقاموا سراعا إليه فلم يجدوا فيه إلا القرآن والذكر ومجالس العلم فقالوا: أين ما قلت يا أبا هريرة؟، فقال: هذا ميراث محمد -صلى الله عليه وسلم- يقسم بين ورثته، وليس من ميراثه دنياكم.

قوله: «وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ».

لأنه السبيل الصحيح لإظهار الإسلام ونشر الأحكام، والعلم بأحوال الظاهر والباطن على تباين أجناسه واختلاف أنواعه.

قوله: «فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظِّهِ، أَوْ بِحَظٍّ وَافِر».

أي: العلم من أخذ به أخذ نصيبا تاما لا حظ أوفر منه خيرا وبركة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: ٣٥٥ - (٢٦) حَدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: "مُعَلِّمُ الْخَيْرِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ" (٢).


(١) الآية (١٢٨) من سورة التوبة.
(٢) رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (٢٤٣/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>