قوله:«لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ». المراد لا تغادر قدما أحد من موقفه للحساب حتى يجيب عن هذه الأسئلة،
وأن هذا على وجه العموم فكل أحد يسأل عن سني عمره من سن التكليف بعد البلوغ حتى الموت فيم قضى ذلك، فإن كان الخير فيها أكثر من الشر نجا، وإن كان العكس هلك والعياذ بالله -عز وجل- من الهلاك.
هذا على وجه الخصوص بمن كان له علم فإنه يسأل عن العمل به في طاعة الله -عز وجل- وما يقرب إليه؛ لأن العلم ثمرته العمل به، أم جعل غايته ما حقق به في الدنيا من الشهرة والجاه، وغير ذلك مما يشوب إخلاصه لله -عز وجل-.
وكذلك من كان له مال يسأل عن كسبه مما أباح الله -عز وجل-، أو مما حرم، وكذلك يسأل فيم أنفقه، وعلى ذلك يترتب الثواب والعقاب.
قوله:«وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ».
وهذا على سبيل العموم فكل أحد يسأل عن جسده، وقوته وزمانه الذي يتمكن منه على أقوى العبادة، وما منَّ الله -عز وجل- عليه من نعم لا تحصى، من أظهرها نعمة العقل، والسمع والبصر، والقلب النابض، قال الله -عز وجل-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}(١)، وغير ذلك من نعمة اللسان والصحة العامة مما لا يحصى، فيسأل عن استخدام ذلك، أكان فيما يرضي الله -عز وجل-، أم اتبع فيها الهوى والشهوات، نسأل الله -عز وجل- أن يوزعنا شكر ما أنعم به علينا، واستنفادها فيما يرضيه ويقربنا إليه -جل جلاله-، فكل ما أوتي الإنسان من عمر وصحة ومال وعلم هي ملك الله -عز وجل-، يجب إلا تصرف إلا في طاعته -عز وجل- وما يقرب إليه، ليس في حاجة إلى شيء من ذلك، ولكنه ابتلاء منه لبني آدم وعلى النتائج يكون الجزاء.