للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

المراد أن السنة وحي ينزل به جبريل -عليه السلام-، فالسنة هي وحي من الله -عز وجل- كالقرآن الكريم، وأن مصدرها هو مصدره ومُنزلها هو الله -جل جلاله- مُنزله، قال الله -عز وجل-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (١)، فالآيتان تدل صراحة على أنه كما ينزل عليه -صلى الله عليه وسلم- الوحي الجلي المتلو وهو القرآن الكريم، فكذلك كان ينزل عليه -صلى الله عليه وسلم- وحي آخر خفي غير متلو: كالقرآن هو السنة النبوية، وهي حجة كالقرآن، ما أحلته فهو حلال، وما حرمته فهو حرام، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

٦٠٥ - (٤) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: السُّنَّةُ سُنَّتَانِ: " سُنَّةٌ الأَخْذُ بِهَا فَرِيضَةٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَسُنَّةٌ الأَخْذُ بِهَا فَضِيلَةٌ، وَتَرْكُهَا إِلَى غَيْرِ حَرَجٍ" (٢).

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، والأَوْزَاعِيُّ، ومَكْحُولٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.

الشرح:

السنة التي تركها هي المسك بالكتاب والسنة، وهو ما أوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْداً حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ» (٣).

أما السنة التي ترْكها ليس كفرا، فهي من الأعمال ما يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها


(١) الآيتان (٣، ٤) من سورة النجم.
(٢) فيه محمد بن كثير الثقفي: صدوق كثير الغلط، ويحتمل في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (٤٦٩/ ٦٠٠).
(٣) في إسناد عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة السلمي، مقبول. والخبر أخرجه الترمذي حديث (٢٦٧٦) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (٤٦٠٧) وابن ماجه حديث (٤٣) وصححه الألباني عندهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>