للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدين يعلم بالضرورة دخولهم في الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، وصدق عليهم قول الله -عز وجل-: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} الآية (٣٢) من سورة الروم.

وقد نهى الله -عز وجل- عن الخلاف في مواجهة العدو فقال -جل جلاله-: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ اللَّهَ} من الآية (٤٦) من سورة الأنفال، فهذا الخلاف محرم في الإسلام.

أما الخلاف الذي استحبه الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله فهو الخلاف الناتج عن الاجتهاد في فهم المسائل العلمية، وليس المراد منه الشقاق وتفريق الأمة، ومن هذا النوع ما حدث بين الصحابة -رضي الله عنهم-، وما وقع بين التابعين، وكذلك من بعدهم، وما حدث بين الأئمة الأربعة وغيرهم، ومن جاء بعدهم، لهذا رأى عمر رحمه الله أن هذا النوع من الخلاف فيه رحمة بالأمة، ولذلك كتب إلى الأمصار" ليقض كل قوم بما اجتمع عليه فقهاؤهم" وهذا من فقهه رحمه الله، وقد كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتابه " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " بين أسباب اختلافهم في فهم المسائل، وأن لكل واحد منهم وجهة نظر فيما فهم وبين مستنده في ذلك، ومعلوم أن مدار الخلاف بين العلماء هو في الفروع، ولا خلاف بينهم في الأصول.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

٦٤٤ - (٢) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " مَا

أُحِبُّ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَخْتَلِفُوا، فَإِنَّهُمْ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى شَيْءٍ فَتَرَكَهُ رَجُلٌ تَرَكَ السُّنَّةَ، وَلَوِ اخْتَلَفُوا فَأَخَذَ رَجُلٌ بِقَوْلِ أَحَدٍ أَخَذَ بِالسُّنَّةِ " (١).

رجال السند: يَزِيدُ، هو ابن هارون، والْمَسْعُودِيُ، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة ابن عبد الله بن مسعود ثقة تغير، وعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هم ثقات تقدموا.


(١) سنده حسن، و أخرجه الخطيب من رواية عون بن عبد الله قال: قال لي عمر يعني ابن عبد العزيز (الفقيه والمتفقه ٢/ ٥٩ - ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>