للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحكمها يختلف عن حكم الحيض، وقد ترافق الحيض مدته فينقطع الحيض وتستمر الاستحاضة، ولذلك قال رسول الله -عز وجل-: « … وَإِنَّمَا هِيَ عِرْقٌ» أي ينفجر في الرحم، وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- المستحاضة فقال: «فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ»، فحالة الاستحاضة لا تخرج عن واحدة من ثلاث:

الأولى: أن تكون المستحاضة تعرف أيام حيضها، فهذا الحديث يعنيها ويأمرها إذا كان وقت عادتها فهو الحيض تترك فيه الصلاة، قدر الأيام التي كانت تحيض فيه فإذا انقضى وقت العادة بأيامها المعروفة لديها، فما كان بعد ذلك فهو استحاضة، أمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي».

أو لا تعرف المستحاضة أيام حيضها أو نسيت، ولكنها تميز دم الحيض بصفته، فإنه يكون في أيامه ثخينًا حارا يضرب إلى السواد، له رائحة كريهة، فتدع الصلاة مادامت هذه الصفة، وهذا مستفاد من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق» (١)، المراد تميز دم الاستحاضة وهو دم أحمر رقيق مشرق فهو عرق ينفجر في الرحم وليست بالحيضة، وعليها أن تغتسل لكل صلاة.

وهاتان الحالتان تمثلان حالة التمييز: إما بأيام الحيض، أو بتمييز الدم، وهي المستحاضة المعروفة بالمميزة، وكيفية طهارة هذه الحالة، الأمر بمجر الاغتسال ثم الصلاة، فهل المراد الاغتسال لكل صلاة، وهو مالم يتضح في رواية عائشة هذه، فمن قائل: تغتسل لكل صلاة ثم تصلي، ومن قائل: تغتسل المستحاضة غسلا واحدا، ثم تتوضأ لكل صلاة، وليس كل مستحاضة يجب عليها الاغتسال لكل صلاة، وما فعلته أم حبيبة رضي الله عنها من الاغتسال لكل صلاة كان اجتهادا منها، وليس أمرا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


(١) أبو داود حديث (٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>