للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحالة الثانية: أن تكون المستحاضة محتارة أو متحيرة لا تعرف أيام عادتها أو نسيتها، ولا تستطيع تمييز الدم أهو حيض أم استحاضة فدليلها حديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها قالت: " كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم" فقال: «أنعت لك الكُرسُف فإنه يذهب الدم» قالت: هو أكثر من ذلك، قال «فاتخذي ثوباً» فقالت هو أكثر من ذلك إنما أثُج ثجا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر وإن قويت عليهما فأنت أعلم»، وقال لها إنما هذه: «ركضة من ركضات الشيطان فتحيِّضي ستة أيام، أو سبعة أيام، في علم الله ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة، أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها، وصومي فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك» (١)، وهذه الحالة أشد حالا الاستحاضة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- رد الحكم في هذه الحالة إلى العرف الغالب من أحوال النساء، وعلى الغالب من عاداتهن في الحيض، واعتبار المماثلة في السن والبيئة وجاء التحيض ستا أو سبعا مراعاة لذلك أو احتياطا. والمراد بالكرسف الذي وصفه لها: القطن، ومعنى الثج: السيلان بكثرة، والمراد بركضة الشيطان، العبث الإضرار بالمرأة لكي يفسد عليها دينها، وهذا مبتغاه من الإضرار ببني آدم.

وقيل في كيفية طهارتها يجب عليها الغسل لكل صلاة لعدم قدرتها على تمييز الدم، ولا تعرف أيام عادتها أو نسيتها، فتحيرت أو احتارت في كيفية تطهرها، وكان عليها


(١) أبو داود حديث (٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>