للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أهل العلم: تجزئ واحدة في النَّفل دون الفرض (١)؛ لأنه وَرَدَ عن النبيِّ «أنه سَلَّم في الوتر تسليمةً واحدةً تِلقاء وجهه» (٢) وقالوا: إن النَّفل قد يُخفَّف فيه ما لا يُخفَّف في الفرض.

فهذه أقوال ثلاثة. والاحتياط فيها أن يُسلِّم تسليمتين؛ لأنه إذا سَلَّم مرَّتين لم يقل أحدٌ مِن أهل العلم إن صلاتك باطلة، ولو سلَّمَ مرَّةً واحدة لقال له بعضُ أهل العلم: إن صلاتك باطلة. ومن المعلوم أن النبيَّ أمر بالاحتياط فيما لم يتضح فيه الدَّليل، فقال : «الحلالُ بيِّنٌ والحرامُ بيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مشتبهات، فمَنِ اتقى الشُّبهات استبرأ لدينه وعِرْضِهِ، ومَنْ وَقَعَ في الشُّبهات وَقَعَ في الحرامِ» (٣).

وقال : «دَعْ ما يَريبك إلى ما لا يَريبك» (٤). وأنت إذا أتيت بالتَّسليمةِ الثانية فقد أتيت بذِكْرٍ تتقرَّبُ


(١) «المغني» (٢/ ٢٤٤).
(٢) أخرجه الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في التسليم في الصلاة (٢٩٦)؛ وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب من يسلم تسليمة واحدة (٩١٩)؛ وابن خزيمة (٧٢٩) وصححه؛ والحاكم (١/ ٢٣٠) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وعند الإمام أحمد عن عائشة بلفظ: «ثم يجلس فيتشهد ويدعو ثم يسلم تسليمة واحدة السلام عليكم يرفع بها صوته حتى يوقظنا» (٦/ ٢٣٦)، وصححه الألباني في «الإرواء» (٢/ ٣٢).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه (٥٢)؛ ومسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات (١٥٩٩) (١٠٧).
(٤) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٠٠)؛ والترمذي، كتاب صفة القيامة (٢٥١٨) وقال: «حديث حسن صحيح»؛ والحاكم وصححه (٢/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>