للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهرُ كلام المؤلِّف أيضاً: أنه لا فَرْقَ بين مَكَّة وغيرها، وهذا هو الصَّحيح، ولا حُجَّة لمن استثنى مَكَّة (١) بما يُروى عن النبيِّ : «أنه كان يُصلِّي والنَّاسُ يمرُّون بين يديه، وليس بينهما سُترة» (٢) وهذا الحديث فيه راوٍ مجهول، وجهالة الرَّاوي طعنٌ في الحديث. وعلى تقدير صحَّتِه فهو محمولٌ على أنَّ رسول الله كان يُصلِّي في حاشية المطاف، والطائفون هم أحقُّ النَّاسِ بالمطاف؛ لأنه لا مكان لهم إلا هذا، أما المصلِّي فيستطيع أن يُصلِّي في أيِّ مكان آخر، لكن الطائف ليس له مكان إلا ما حول الكعبة، فهو أحقُّ به. هذا إن صحَّ الحديث، ولهذا بوَّبَ البخاريُّ في «صحيحه» باب: السُّتْرة بمَكَّة وغيرها (٣). يعني: أن مكَّة وغيرها سواء.

فإن قال قائل: إذا غلبه المَارُّ ومَرَّ فما الحكم؟

فالجواب: الإثم على المَارِّ، أما أنت إذا كنت قد قمت بما أمرك به النبيُّ ، ولم تتمكَّن مِن دَفْعِ هذا المَارِّ فإنَّ صلاتك لا تنقص، ولكن هل تبطل بمرور المرأة؟


(١) «الإنصاف» (٣/ ٦٠٦ ـ ٦٠٧).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ٣٩٩)؛ وأبو داود، كتاب المناسك، باب في مكة (٢٠١٦)؛ والنسائي، كتاب القبلة، باب الرخصة في ذلك (٢/ ٦٧)؛ وابن ماجه، كتاب المناسك، باب الركعتين بعد الطواف (٢٩٥٨).
(٣) حديث رقم (٥٠١)، كتاب الصلاة. قال ابن حجر فأراد البخاري التنبيه على ضعف هذا الحديث ـ: «كان يصلي والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة» وأن لا فرق بين مكة وغيرها في مشروعية السترة. «فتح الباري» (١/ ٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>