للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا كان له سُترة فلا يجوز المرور بينه وبينها، لكن ينبغي أن يقرُبَ منها، بحيث يكون سجودُه إلى جنبها؛ لئلا يتحجَّر أكثر مما يحتاج، وقد كان بين مصلَّى النبيِّ وبين الجدار الذي صَلَّى إليه قَدْرَ ممرِّ شاة.

وظاهرُ كلام المؤلِّف: أنه لا فَرْقَ بين أن يكون المَارُّ محتاجاً للمرور أو غير محتاج، فالمحتاج للمرور مثل: أن يكون باب المسجد على يمين المُصلِّي أو على يساره، وهو يريد أن يَعْبُرَ إلى باب المسجد، فهذا محتاجٌ للمرور، وذلك لعموم الأمر: « … فأراد أحدٌ أن يجتاز بين يديه … » (١)، ولم يفصِّل النبيُّ بين أن يكون المارُّ محتاجاً أو غير محتاج.

والغالب أن الإنسان لا يمرُّ بين يدي المصلِّي إلا وهو محتاج إلى المرور، فكيف نُخرِج ما كان هو الغالب مِن دلالة الحديث إلى ما ليس بغالب.

فالصحيح: أنه لا فَرْقَ بين أن يكون محتاجاً أو غير محتاج، فليس له الحقُّ أن يمرَّ بين يدي المصلِّي، وقد قال النبيُّ : «لو يعلمُ المارُّ بين يديِ المصلِّي ماذا عليه؛ لكان أن يقفَ أربعينَ خيراً له من أن يَمُرَّ بين يديه» (٢) أي: أربعين خريفاً؛ كما في رواية البزَّار: «لكان أنْ يقومَ أربعين خريفاً … » (٣).


(١) تقدم تخريجه ص (٢٤٣).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي (٥١٠)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي (٥٠٧) (٢٦١).
(٣) أورده الهيثمي في «المجمع» (٢/ ٦١) وقال: «رواه البزار ورجاله رجال الصحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>