للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفصيل؛ وهو اختيار شيخ الإسلام (١). والشاهد أنه يقول: وهو بعضُ قول من يوجبه مطلقاً. فإذا قلنا: يجب مَنْعُ المار إذا كان ممن يقطع الصَّلاةَ، صار بعض قول مَن يوجبه مطلقاً، فإن قال قائل: كيف نعتذر عن كلام المؤلِّف حيث إن ظاهره الإباحة مع ورود السُّنَّة بالأمر به؟

فالجواب: أنه يمكن أن يُحمل على أن الإباحة هنا في مقابلة توهُّمِ المَنْعِ، أو في مقابلة الكراهة، لأن رَدَّ المار عَمَلٌ وحركة مِن غير جنس الصَّلاة، والأصل فيها إما الكراهة؛ وإما المنع، فتكون الإباحة هنا يُراد بها نفي الكراهة، أو نفي المنع، فلا ينافي أن يكون الحكم مستحبًّا، يعني: يمكن أن يُقال هذا، لكن يمنعه أن هذه المسألة فيها قول بالإباحة مستقلٌّ معروف.

وقوله: «بين يديه». أي: بين يدي المصلِّي.

وقد اختُلف في المراد بما بين يديه (٢)، فقيل: إنه بمقدار ثلاثة أذرع مِن قدمي المصلِّي. وقيل: بمقدار رَمية حَجَر، يعني بالرَّمي المتوسط لا بالقويِّ جدًّا ولا بالضعيف. وقيل: ما للمصلِّي أن يتقدَّم إليه بدون بطلان صلاتِه. وقيل: إن مَرْجِعَ ذلك إلى العُرف، فما كان يعدُّ بين يديه، فهو بين يديه، وما كان لا يُعدُّ عُرفاً بين يديه، فليس بين يديه.

وقيل: ما بين رجليه وموضع سجوده. وهذا أقرب الأقوال، وذلك لأن المصلِّي لا يستحقُّ أكثر مما يحتاج إليه في صلاته، فليس له الحقُّ أن يمنعَ النَّاس مما لا يحتاجه.


(١) «الاختيارات» ص (٦٤).
(٢) «الإنصاف» (٢/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>