ويحتمل أن يُقال: يُفرَّق بين المارِّ الذي يقطعُ الصَّلاةَ مروره، والمَارِّ الذي لا يقطع الصَّلاةَ مروره، فالذي يقطع الصَّلاةَ مروره يجب رَدُّه، والذي لا يقطع الصَّلاةَ مروره لا يجب رَدُّه؛ لأن غاية ما يحصُل منه أن تنقص الصَّلاةُ ولا تبطل، بخلاف الذي يقطع الصَّلاةَ مروره؛ فإنه سوف يبطل صلاتك ويفسدها عليك، ولا سيما إذا كانت فرضاً، فإن تمكينك مِن شخص يقطع صلاة الفَرْض عليك يعني أنك قطعت فرضك، والأصل في قَطْعِ الفرض التحريم.
وهذا قول وسطٌ بين قول مَن يقول بالوجوب مطلقاً، ومن يقول بالاستحباب مطلقاً، وهو قول قويٌّ.
مثال ذلك: إذا مَرَّت امرأة؛ فإنه يجب عليك أن تردَّها، وإذا مَرَّ كلبٌ أسود يجب أن تردَّه، وإذا مَرَّ حِمار يجب أن تردَّه، بخلاف ما إذا مَرَّ رَجُلٌ، أو بَهيمة غير حِمار، أو كلب غير أسود، أو أُنثى دون البلوغ، فإنه لا يجب عليك رَدُّه، ولكن يُسَنُّ ذلك.
ويحتمل أن يُفرَّق بين الفرض والنَّفل، فإذا كانت الصَّلاة فريضة ومَرَّ مَنْ يقطعها وجب رَدُّه، لأن الفريضة إذا شَرَعَ فيها حَرُمَ أن يقطعَها إلا لضرورة، وإلا لم يجب رَدُّه، بل يُسَنُّ. ولهذا كثيراً ما يأتي في كلام شيخ الإسلام ﵀ مثل هذا التَّفصيل بين القولين، ويقول: وهو بعضُ قول من يقول بالوجوب، أو ما أشبه ذلك، مثل قوله في الوِتر: إنَّ الوتر واجب على مَن كان له وِرْدٌ في الليل. قال: وهو بعض قول من يوجبه مطلقاً، لأن الوتر فيه ثلاثة أقوال للعلماء: سنة مطلقاً ـ وهو الصحيح، وواجب مطلقاً،