للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّتْرة (١). ولكن الصحيح أن سُنيَّتها عامة، سواء خشي المارَّ أم لا.

وعُلم من كلامه: أنَّها ليست بواجبة، وأنَّ الإنسان لو صَلَّى إلى غير سُترة فإنه لا يأثم، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم (٢)؛ لأنها من مكمِّلات الصَّلاة، ولا تتوقَّفُ عليها صحَّة الصَّلاة، وليست داخل الصَّلاة ولا مِن ماهيَّتها حتى نقول: إنَّ فقدَها مفسدٌ، ولكنها شيء يُراد به كمال الصَّلاة، فلم تكن واجبة، وهذه هي القرينة التي أخرجت الأمر بها من الوجوب إلى الندب.

واستدلَّ الجمهور بما يلي:

١ ـ حديث أبي سعيد الخدري: «إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيءٍ يستُره من النَّاسِ؛ فأراد أحدٌ أن يجتازَ بين يديه؛ فَلْيَدْفَعْهُ» (٣) فإن قوله: «إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيء يستره» يدلُّ على أن المُصلِّي قد يُصلِّي إلى شيء يستره وقد لا يُصلِّي، لأن مثل هذه الصيغة لا تدلُّ على أن كلَّ الناس يصلون إلى سُتْرة، بل تدلُّ على أن بعضاً يُصلِّي إلى سُتْرة والبعض الآخر لا يُصلِّي إليها.

٢ ـ حديث ابن عباس: «أنَّه أتى في مِنَى والنبيُّ يصلِّي فيها بأصحابه إلى غير جدار» (٤).


(١) «المدونة» (١/ ١١٣).
(٢) «المجموع» (٣/ ٢٢٦)، «الشرح الكبير» (٣/ ٦٣٦).
(٣) تقدم تخريجه ص (٢٤٣).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب ستر الإمام سترة من خلفه (٤٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>