للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحْلِ، فإذا لم يكن بين يديه مثلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإنه يقطعُ صلاتَهُ: الحمارُ والمرأةُ والكلبُ الأسودُ» (١) وفي بعض هذه الأحاديث الإطلاق كحديث عبد الله بن مُغَفَّل (٢)، وحديث أبي هريرة (٣).

وقوله: «يقطع» أي: يبطل؛ لأن قَطْعَ الشيء فَصْلُ بعضِه عن بعض، تقول: قطعتُ السلك، أي: فصلت بعضَه عن بعض، فإذا مرَّ مَن يقطع الصَّلاة لم يمكن أن يبني آخرها على أوَّلها، فهذا هو الدليل. وهذا الدليل يقتضي أن الذي يقطعُ الصَّلاة ثلاثة، وليس الكلب الأسود البهيم فقط. لكنهم قالوا: إن هذا مخصَّصٌ بأدلة تخرجُ الحِمَار، وتخرجُ المرأةَ.

أما الحِمار فخصَّصوه، بحديث ابن عباس حين جاء والنبيُّ يصلِّي بالناس بمِنى، فمرَّ بين يدي بعض الصَّفِّ وهو راكبٌ على حِمار أتان، وأرسل الحِمارَ ترتع، ولم يُنكر عليه أحدٌ (٤). قالوا: فهذا ناسخ لحديث عبد الله بن مغفَّل وأبي هريرة، لأنه في آخر حياة النبيِّ ، وفي هذا نَظَرٌ من وجهين:

أولاً: أن النسخ هنا غير تامِّ الشُّروط؛ لأنه لم يكن هذا الفِعل في آخر لحظة مِن حياته ، إذ مِن الجائز أن يكون حديث أبي هريرة، وعبد الله بن مغفَّل، وأبي ذرٍّ بعد حجَّة الوداع، ومِن شروط النسخ أن نعلم تأخُّر الناسخ.


(١) انظر: تخريج الحديث ص (٢٨٢).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٧٦) (٥/ ٥٧)؛ وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسُّنة فيها (٩٥١)؛ وابن حبان (٢٣٨٦).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلى (٥١١) (٢٦٦).
(٤) تقدم تخريجه ص (٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>