إلا بأمِّ القرآن» (١). وهذا نصٌّ في محلِّ النزاع؛ فيكون فاصلاً بين المتنازعين؛ لأنه جاء في صلاة جهرية فيؤخذ به.
وأما قول الإمام أحمد ﵀:«أجمعوا على أنَّها في الصَّلاةِ» فالظاهر لي ـ والله أعلم ـ، أن مراده ﵀ لو قرأ قارئ ليس إماماً لي فإنه لا يجب عليَّ الاستماع له، بل لي أن أقومَ وأنصرف، أو أشتغل بما أنا مشتغل به.
مثال ذلك: رَجُلٌ يُصلِّي إلى جَنْبِكَ في الصَّفِّ، وهو يقرأ القرآن، لا يلزمك أن تُنصتَ له، فلك أن تتشاغل بغير الاستماع لقراءته، أو أن تقوم وتنصرف، بخلاف الذي في الصَّلاة؛ فإنه مأمور بالإِنصات تبعاً لإِمامه.
هذا الذي ذَكَرْناه ـ وهو أن قراءة الفاتحة رُكنٌ في حَقِّ كلِّ مصلٍّ: الإِمام، والمأموم، والمنفرد. ولا يستثنى منها إلاَّ مسألة واحدة، وهي المسبوق إذا أدرك إمامه راكعاً، أو قائماً ولم يتمكَّن من قراءة الفاتحة ـ هذا هو الذي دَلَّت عليه الأدلةُ الشرعية.
فإذا قال قائل: ما الدليل على استثناء هذه الصُّورة؟
فالجواب: الدليل على ذلك حديث أبي بَكْرة الثَّابت في «صحيح البخاري» حيث أدركَ النبيَّ ﷺ وهو راكعٌ، فأسرعَ وركعَ قبل أن يَصِلَ إلى الصَّفِّ، ثم دخلَ في الصَّفِّ، فلما انصرفَ
(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣١٦)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته (٨٢٤)؛ والنسائي، كتاب الافتتاح، باب قراءة أم القرآن خلف الإمام فيما جهر به الإمام (٩١٩)؛ والبيهقي في القراءة خلف الإمام وقال: «إسناده صحيح، ورواته ثقات» ص (٣٦).