للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيُّ مِن الصَّلاةِ سأل مَنِ الفاعل؟ فقال أبو بَكْرة: أنا، فقال: «زادكَ اللهُ حرصاً ولا تَعُدْ» (١)، ولم يأمره بقضاء الرَّكعة التي أدركَ ركوعها، دون قراءتها، ولو كان لم يدركها لكانت قد فاتته، ولأمره النبيُّ بقضائها، كما أمَرَ المسيءَ في صلاتِهِ أن يعيدَها، فلما لم يأمره بقضائها عُلِمَ أنه قد أدرك الركعة، وسقطت عنه قراءة الفاتحة، فهذا دليل من النصِّ.

والمعنى يقتضي ذلك: لأن هذا المأموم لم يدرك القيام الذي هو محلُّ القراءة، فإذا سقط القيامُ سَقَطَ الذِّكْرُ الواجبُ فيه وهو القراءة. كما يسقطُ غَسْلُ اليد إذا قُطعت مِن فوق المرفق. إنَّ فَقْدَ المحلِّ يستلزمُ سقوط الحال.

وقال بعض العلماء (٢): إنَّ قراءة الفاتحة ليست رُكناً مطلقاً. واستدلَّ بعموم قوله تعالى: ﴿فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠].

وعموم قول النبيِّ في حديث أبي هريرة في قصةِ المسيءِ في صلاتِه: «ثم اقرأ ما تيسَّرَ معك مِن القرآن» (٣): ووجه الاستدلال مِن هذا الحديث: أنه في بيان الواجب، والحاجة داعية إلى بيان السُّورة المعيَّنة، ولو كانت الفاتحة واجبة لعيَّنها؛ لأن هذا الرَّجُل لم يعرف شيئاً، فهو بحاجة إلى بيانها، فلما لم يعينها في مقام الحاجة عُلِمَ أنَّها ليست بواجبة، وهذه حجَّة قويَّة. ولكن يُجاب عنه: بأن هذا مجملٌ، أي: قوله: «ما تيسَّر»، وقد بيّنت النصوص أنه لا بُدَّ مِن قراءة الفاتحة، فيحمل هذا المجمل


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف (٧٨٣).
(٢) «المغني» (٢/ ١٤٦).
(٣) تقدم تخريجه ص (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>