وصَلَّى الجُمُعَة، وهو يريد أن يمشي وأراد أنْ يجمعَ العصرَ إلى الجُمُعَةِ فلا يجوز، لأنها صلاةٌ من جنس آخر مستقلَّة.
وعلَّلَ بعضُهم أيضاً ذلك: بأن الإمام يدعو في خُطبة الجُمُعَةِ دُعاءً عامًّا يؤمِّنُ النَّاسُ عليه، فيدعو لرفع النَّازلة في خُطبة الجُمُعة، ويُكتفى بهذا الدُّعاء عن القنوت في صلاة الجُمُعة.
ويرى بعضُ أهلِ العِلم: أنَّه لا وجه للاستثناء، وإنَّما لم ينصَّ عليها في الأحاديث الواردة عن رسولِ الله ﷺ؛ لأنها يومٌ واحد في الأسبوع فلهذا تُركت، ويدلُّ لهذا: أنَّ الرَّسول ﷺ إذا ذكر الصَّلاة المفروضة لا يذكر إلا الصَّلوات الخمس؛ لأنها هي الرَّاتبة التي تَرِدُ على الإنسان في كُلِّ يوم، بخلاف الجُمُعة.
فالظَّاهر: أنه يَقْنُتُ حتى في صلاة الجُمُعة.
وإذا قلنا بالقُنُوت في الصَّلوات الخمس، فإنْ كان في الجهرية فَمِنَ المعلوم أنَّه يجهرُ به، وإنْ كان في السِّريَّة فإنه يجهر به أيضاً؛ كما ثبتت به السُّنَّةُ: أنه كان يقنتُ ويؤمِّنُ النَّاسُ وراءَه (١). ولا يمكن أن يؤمِّنُوا إلا إذا كان يجهرُ.
وعلى هذا؛ فيُسَنُّ أنْ يجهرَ ولو في الصَّلاة السِّريَّة.
مسألة: القُنُوت هل يكون قبل الرُّكوع، أو بعد الرُّكوع؟
أكثرُ الأحاديث؛ والذي عليه أكثرُ أهل العِلم: أنَّ القُنُوتَ بعدَ الرُّكوع، وإن قَنَتَ قبل الرُّكوع فلا حَرَج، فهو مُخَيَّرٌ بين أنْ
(١) جزء من حديث ابن عباس ﵄ المتقدم ص (٤٦) حاشية (٤).