وقوله:«حتى ما له سبب» إشارة إلى الخِلافِ في هذه المسألةِ، مع أنَّ الخِلافَ قويٌّ، وقد ذَكَرَ بعضُ المتأخِّرين أنهم إذا قالوا:«ولو كذا» فالخِلافُ قويٌّ، وإذا قالوا:«وإنْ كان كذا» فالخِلافُ أقلُّ، وإذا قالوا:«حتى» فالخِلافُ ضَعيفٌ.
ولكن؛ الخِلافُ في هذه المسألةِ قويٌّ جدًّا، لا مِن حيث الدليلُ ولا مِن حيث كثرةُ المخالفين.
مسألة: لو أنَّ رجُلاً توضَّأ بعدَ صلاةِ العصرِ هل يُصلِّي سُنَّة الوضُوءِ، أم لا يُصلِّي؟
الجواب: إنْ توضَّأ ليصلِّي؛ فلا يجوز؛ لأنَّه تعمَّدَ الصلاةَ في أوقات النَّهي.
وإن توضَّأ للطَّهارة؛ صَلَّى على القول الصَّحيحِ، أما على قَوْلِ مَن يقول: إنَّه لا يُصلِّي مِن النوافل إلا ما خصَّصوها، فلا يجوز.
مسألة: لو أنَّ رجُلاً تقدَّم إلى صلاةِ المَغربِ يومَ الجُمُعةِ في آخر النَّهارِ مِن أجلِ أن يُصلِّي تحيَّةَ المسجدِ حتى يشمله الحديث: «إنَّ في الجُمُعَةِ لساعةً، لا يوافِقُها عبدٌ مسلمٌ ـ وهو قائمٌ يُصلِّي ـ يسألُ اللهَ شيئاً إلا أعطَاهُ إيَّاهُ»(١)، فهل نقول: إنَّ هذا حرامٌ، أو نقول: إنَّ هذا جائزٌ؟
الجواب: إنْ قَصَدَ المسجدَ ليصلِّيَ؛ فهذا حرامٌ، كما قلنا: إنْ توضَّأ ليصلِّيَ، وإنْ قَصَدَ المسجدَ مِن أجل التقدُّم لصلاةِ المَغربِ، ثم لمَّا دَخَلَ صَلَّى ركعتين مِن أجْلِ أنَّه دَخَلَ المسجدَ،
(١) أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة (٩٣٥)؛ ومسلم، كتاب الجمعة، باب في الساعة التي في يوم الجمعة (٨٥٢) (١٣).