وهذا القولُ لا بأس به، فإذا فعلتْ ذلك أحياناً فلا حرجَ.
وقوله:«الرجال» أخرجَ به أيضاً الصبيانَ غيرَ البالغين، وخَرجَ بذلك أيضاً صِنفٌ ثالثٌ وهم الخُناثى، والخُنثى هو: الذي لا يُعلم أذكرٌ هو أم أُنثى، فلا تجب عليهم الجماعةُ، وذلك لأن الشَّرطَ فيه غير متيقَّن، والأصلُ براءةُ الذِّمَّةِ وعدمُ شغلِها.
وقوله:«الرِّجال» يدخُلُ فيه العبيدُ، فتلزم صلاةُ الجماعةِ العبيدَ؛ لأنَّ النصوصَ عامةٌ، ولم يُسْتَثْنَ منها العبدُ، ولأنَّ حَقَّ اللهِ مقدَّمٌ على حقِّ البشرِ، ولهذا لو أمرَه سيِّدُه بمعصيةٍ أو بترِك واجبٍ حرم عليه أن يطيعَه، فإذا كان لا يجوزُ للعبد أن يفعلَ المعصيةَ أو يتركَ الواجبَ بأمْر سيِّده، فكيف إذا لم يأمره؟ وهو إذا تَرَكَ الجماعةَ فقد ترك واجباً، وهذا أحد القولين: أنها تلزم العبيد، كما تلزم الأحرار.
وكذلك الجمعة تلزم العبيدَ كما تلزم الأحرارَ من باب أَولى، لأنه إذا وجبَ عليه حضورُ الجماعةِ التي تتكرَّرُ في اليوم والليلة خمس مرات، فوجوبُ الجُمعةِ التي لا تكرَّرُ إلا في الأسبوع مرَّة مِن باب أَولى، ولأنَّ الجماعةَ شرطٌ في الجُمعة بالاتِّفاق وليست شرطاً في صلاة الجماعة إلا على قولٍ ضعيفٍ، فإذا سقطَ حقُّ السيدِ في الصلوات الخمس، وأوجبنا على العبدِ أنْ يصلِّي جماعةً فإننا نوجب عليه أيضاً أن يصلِّي الجُمعةَ.
وقال بعضُ العلماءِ: تلزمُ العبدَ بإذن سيِّدهِ، وهذا هو الأقرب (١).
(١) انظر: توجيه هذا القول في باب صلاة الجمعة، المجلد الخامس.