للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمومُ كلامِ المؤلِّفِ في قوله: «تلزم» أنها لازمة حتى في السَّفَرِ؛ لأنَّه لم يقيِّدها في الحَضَرِ، فإذا لم يقيدها أخذنا بالعموم والإطلاق، فتجِبُ صلاةُ الجماعةِ حتى في السَّفرِ. ودليلُ ذلك: عمومُ أدلَّةِ الوجوبِ.

وأيضاً: أنَّ اللهَ أمَرَ نبيَّه إذا كان فيهم في الجهادِ أنْ يُقيمَ لهم الصَّلاةَ جماعةً، ومِن المعلومِ أنَّ رسولَ اللهِ لم يقاتلْ إلا في سَفَرٍ. فعليه؛ تجبُ الجماعةُ في السَّفرِ كما تجبُ في الحَضَرِ. وأيضاً: مداومةُ النَّبي في السَّفَرِ على الصَّلاةِ جماعةً حتى في قضائها حين غلبهم النَّومُ فلم يستيقظوا إلا بعد الوقت (١). وقد قال: «صَلُّوا كما رأيتموني أصلي» (٢).

وقوله: «للصلوات الخمس» أي: أنَّها واجبةٌ للصَّلاةِ، وليست واجبةً في الصَّلاةِ، لأنَّ الواجبَ تارةً يكون واجباً للصَّلاةِ، وتارةً يكون واجباً فيها، فالواجبُ فيها: يكون مِن ماهيَّتِها مثل: التشهُّدِ الأولِ، والتكبيرِ، والتَّسميعِ، والتَّحميدِ، والواجبِ لها: ما كان خارجاً عنها مثل: الأذانِ، والإقامةِ، والجماعةِ، لأنَّ هذا خارجٌ عن ماهيَّةِ الصَّلاةِ، فيكون واجباً لها، وليس واجباً فيها.

وقوله: «للصَّلوات الخمس» هي الفجرُ، والظُّهرُ، والعصرُ، والمغربُ، والعشاءُ.

إذاً؛ لا تجبُ الجماعةُ للمنذوْرةِ، أي: لو نَذَرَ الإنسانُ أنْ


(١) تقدم تخريجه ص (٧٢).
(٢) تقدم تخريجه (٣/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>