للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبَ آخرون إلى أنَّه يجبُ فِعْلُها في المسجدِ على كلِّ مَن تلزمُه.

وأما الذين قالوا: إنَّها فَرْضُ كفاية، فقالوا: إنَّها مِن شعائر الإسلامِ الظَّاهرةِ، وما زال المسلمون يقيمونها في المساجدِ، ولو تعطَّلت المساجدُ، لم يتبيَّن أنَّ هذه البلدَ بلدُ إسلامٍ، فكما أنَّ الأذانَ مِن شعائرِ الإسلامِ الظاهرةِ، وتُقاتل الطَّائفةُ إذا لم تؤذِّنْ، وهو فَرضُ كفاية، فكذلك الصَّلاةُ في المساجد، فإذا صَلَّى في المسجدِ مَن تقومُ بهم الكفايةُ، فالباقون لهم أنْ يصلُّوا في بيوتِهم.

وأما الذين قالوا: إنَّها تجبُ في المسجدِ.

فاستدلُّوا: بقولِ النَّبيِّ : «لقد هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بالصَّلاةِ فتقامَ، ثم آمُرَ رجُلاً فيصلِّيَ بالناسِ، ثم أنطلقَ إلى قومٍ لا يشهدون الصَّلاةَ فأحرِّقَ عليهم بيوتَهم بالنَّارِ» (١) وكلمة «قوم» جمعٌ تحصُلُ بهم الجماعة، فلو أمكن أن يصلُّوا في بيوتهم جماعة لقال: إلا أن يصلُّوا في بيوتِهم، واستثنى مَن يصلِّي في بيتِهِ، فعُلِمَ بهذا أنَّه لا بُدَّ مِن شهودِ جماعةِ المسلمين، وهذا القولُ هو الصَّحيحُ: أنَّه يجبُ أن تكون في المسجدِ، وأنَّه لو أُقيمت في غير المسجدِ، فإنَّه لا يحصُلُ بإقامتها سقوطُ الإثمِ، بل هم آثمون، وإنْ كان القول الرَّاجح أنَّها تصحُّ.

أما القائلون: بأنَّها مِن شعائرِ الإسلام الظَّاهرةِ، فنقول: هي من شعائرِ الإسلامِ الظَّاهرةِ، ومِن تمام ذلك أن تُوجبَ على كلِّ


(١) تقدم تخريجه ص (١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>