واحدٍ في المسجدِ، لأنَّنا لو قلنا: إنها فَرْضُ كفاية لكان لكلِّ واحدٍ أنْ يبقى في بيتِهِ، ويقول: لعلَّ في المسجدِ مَن يقومُ بصلاةِ الجماعةِ.
وأما الذين استدلُّوا بقوله:ﷺ: «جُعلت لي الأرضُ مسجداً وطَهوراً»(١) فلا دليل فيه أصلاً، لأنَّ فيه بيان أنَّ الأرضَ كلَّها مسجدٌ، وهو مِن خصائصِ هذه الأمة، بخلافِ غيرِها، فإنَّها لا تصلِّي إلا في الكنائسِ والصَّوامع والبيَع، لكن هذه الأُمَّة جُعلت لها الأرضُ كلُّها مسجداً؛ فليس المقصودُ أنَّ الجماعةَ تصحُّ في كُلِّ مكان، بل بيان أنَّ الصلاة تصحُّ في كلِّ مكان، وهذا لا نِزاعَ فيه.
ثم على فَرْضِ أَنَّه عامٌّ، فإنه مُخصَّصٌ بالأدلَّةِ على وجوبِ صلاةِ الجَماعةِ في المساجد.
مسألة: الدَّوائرُ الحكوميَّةُ التي فيها جماعةٌ كثيرةٌ، ولهم مصلًّى خاصٌّ يصلُّون فيه، والمساجدُ حولَهم، فهل نقول لهم: اخرجُوا مِن هذه الدَّائرةِ جميعاً، وصَلُّوا في المسجدِ، أو نقول: صَلُّوا في مكانِكم ولا حَرَجَ عليكم؟
الجواب: الذي نرى أنَّه إذا كان المسجدُ قريباً، ولم يتعطَّلْ العمل بخروجهم للمسجد، فإنَّه يجبُ عليهم أنْ يصلُّوا في المسجدِ، أما إذا كان بعيداً أو خِيفَ تعطُّلُ العملِ؛ بأن تكون الدائرةُ عليها عَمَلٌ ومراجعون كثيرون، أو كان يخشى مِن تسلُّلِ