خِلافَ في ذلك؛ لأنَّ هذا المسجدَ مِن أصلِهِ معدٌّ لجماعاتٍ متفرِّقةٍ؛ ليس له إمامٌ راتبٌ يجتمعُ الناسُ عليه.
فأما الصُّورة الأوُلى، بأن يكون في المسجدِ جماعتان دائماً، الجماعة الأُولى والجماعةُ الثانيةُ، فهذا لا شَكَّ أنَّه مكروهٌ إنْ لم نقل: إنه محرَّمٌ؛ لأنَّه بدعةٌ؛ لم يكن معروفاً في عهدِ النَّبيِّ ﷺ وأصحابه.
ومِن ذلك ما كان معروفاً في المسجدِ الحرامِ سابقاً قبل أن تتولَّى الحكومةُ السعوديةُ عليه، كان فيه أربعُ جماعاتٍ، كلُّ جماعة لها إمامٌ: إمامُ الحنابلةِ يصلِّي بالحنابلة، وإمامُ الشافعيةِ يصلِّي بالشافعيةِ، وإمامُ المالكيةِ يصلِّي بالمالكيةِ، وإمامُ الأحنافِ يصلِّي بالأحنافِ.
ويسمُّونه: هذا مقامُ الشَّافعي، وهذا مقامُ المالكي، وهذا مقامُ الحنفي، وهذا مقامُ الحنبلي، لكن الملك عبد العزيز جزاه اللهُ خيراً لمَّا دخل مكَّة، قال: هذا تفريقٌ للأمَّةِ، أي: أنَّ الأمةَ الإسلاميةَ متفرِّقة في مسجدٍ واحدٍ، وهذا لا يجوز، فجمعهم على إمامٍ واحدٍ، وهذه مِن مناقبه وفضائله رحمه الله تعالى.
فهذا الذي أشار إليه أحدُ المحاذير، وهو تفريقُ الأمة.
وأيضاً: أنه دعوةٌ للكسلِ؛ لأنَّ الناسَ يقولون: ما دامَ فيه جماعةٌ ثانية ننتظر حتى تأتي الجماعةُ الثانيةُ، فيتوانى النَّاسُ عن حضور الجماعةِ مع الإمامِ الرَّاتبِ الأولِ.
وأما الصُّورة الثانيةُ، أن يكونَ عارضاً، أي: أنَّ الإمامَ الرَّاتبَ هو الذي يصلِّي بجماعةِ المسجدِ، لكن أحياناً يتخلَّفُ رَجُلان أو ثلاثةٌ أو أكثرُ لعذرٍ، فهذا هو محلُّ الخِلافِ.