للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في القرآن وهي قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤] والحديثُ قولُ النَّبيِّ في الإِمامِ: «إذا قرأ فأنصِتُوا» (١) يدلُّ على عمومِ الإنصاتِ سواءٌ عن الفاتحةِ أو غيرِها؟

فالجواب: نقول: هذا صحيحٌ، وأنَّه عامٌّ في الفاتحةِ وغيرِها، وأنَّ المأمومَ إذا قرأَ الإمامُ فإنَّه ينصتُ، ولكن هذا العمومُ مقيَّدٌ بعموم: «لا صلاةَ لمَنْ لم يقرأ بفاتحةِ الكتابِ» حيث قالَه النَّبيُّ بعدَ أنْ انفتلَ مِن صلاةِ الفجرِ؛ حينما قرأ في صلاةِ الفجرِ، وثَقُلت عليه القراءةُ، فلما انصرفَ قال: «لعلَّكم تقرأون خلفَ إمامكم؟ قالوا: إي والله، قال: لا تفعلوا إلا بأُمِّ القرآن، فإنه لا صلاةَ لمَن لم يقرأ بها» (٢) وهذا نصٌّ صريحٌ في الصلاةِ الجهريةِ، لأنَّ صلاةَ الفجرِ صلاةٌ جهريةٌ. وعلى هذا؛ فتكون قراءةُ الفاتحةِ في الصلاةِ مستثناةٌ مِن قوله: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤] لأنَّ هذا عامٌّ والعامُ يدخله التَّخصيصُ، وكذلك قولُ النَّبيِّ : «وإذا قَرأَ فأنصِتُوا» (٣) وهذا هو المشهور مِن مذهبِ الإمامِ الشافعي ، قال ابنُ مفلح تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهو أظهر» أي: أن وجوبَ قِراءةِ الفاتحةِ على المأمومِ حتى في الصَّلاةِ الجهريَّةِ أظهرُ، وصَدَقَ، فإنَّه أظهرُ مِن القولِ بعدمِ وجوبِ القِراءةِ على المأمومِ مطلقاً، أو في الصَّلاةِ الجهرية، فهذان قولان متقابلان، فالأقوال كما يلي:


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٩٨).
(٢) تقدم تخريجه (٣/ ٢٩٦).
(٣) تقدم تخريجه (٣/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>