القول الأول: أنه لا قِراءةَ على المأموم مطلقاً، وأنَّ المأمومَ لو وَقَفَ ساكتاً في كلِّ الركعات فصلاتُه صحيحةٌ، وهذا قول ضعيفٌ جداً.
القول الثاني: وجوبها على المأمومِ في كلِّ الصلواتِ السريةِ والجهريَّةِ، وهذا مقابلٌ للقولِ الأولِ.
والقول الثالث: أنها تجبُ على المأمومِ في الصَّلاةِ السريَّةِ دون الجهرية (١)، لأنَّ الجهريَّةَ إذا قرأ فيها الإمامُ فقراءتُه قراءةٌ للمأمومِ، والدليلُ على أن قراءتَه قراءة للمأموم: أنَّ المأموم يؤمِّنُ على قراءتِه، فإذا قال:«ولا الضالين» قال: «آمين»، ولولا أنَّها قِراءةٌ له لم يصحَّ أن يؤمِّنَ عليها؛ لأنَّ المؤمِّنَ على الدُّعاءِ كفاعلِ الدُّعاءِ: بدليلِ أنَّ موسى ﵊ لما قال: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأََهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ *﴾ ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ [يونس: ٨٨ ـ ٨٩] والدَّاعي موسى بنصِّ الآيةِ، فكيف جاءتْ التثنيةُ؟ قالَ العلماءُ: لأنَّ موسى يدعو وهارون يؤمِّنُ؛ فَنَسَب اللهُ الدَّعوةَ إليهما مع أنَّ الدَّاعي واحد، لكن لما كان الثاني مُنْصِتاً له مؤمِّناً على دُعائِهِ صارت الدَّعوةُ دعوةً له. وحينئذٍ نقول: إذا قرأ الإمامُ الفاتحةَ وأنتَ مُنْصِتٌ له وأمَّنتَ عليه فكأنَّك قارئٌ لها، وحينئذٍ لا تجبُ القراءةُ على المأمومِ في الصَّلاةِ الجهريَّةِ إذا سَمِعَ قراءةَ الإمامِ للفاتحةِ، وهذا القولُ اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابن تيمية ﵀.