للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرادت الذِّهابَ إلى المسجدِ لتصلِّي مع المسلمين، وهذا القول هو الصَّحيحُ.

ويدلُّ لهذا: أنَّ ابنَ عُمرَ لما قال له ابنُه بلالٌ حينما حَدَّثَ بهذا الحديث: «واللهِ لَنَمْنَعُهُنَّ» لأنَّه رأى الفتنةَ، وتغيُّرَ الأحوالِ، وقد قالت عائشةُ: «لو رأى النَّبيُّ مِن النساءِ ما رأينا لَمَنَعَهُنَّ كما مُنِعَتْ نساءُ بني إسرائيلَ» (١) فلما قال: والله لَنَمْنَعُهُنَّ، أقبلَ إليه عبدُ الله فسبَّهُ سبًّا شديداً ما سبَّهُ مثلَه قطُّ، وقال له: أقولُ لك: قال رسولُ اللهِ : «لا تمنعوا إماءَ اللهِ» وتقول: «والله لَنَمْنَعُهُنَّ» (٢) فَهَجَرَهُ. لأنَّ هذا مضادَّةٌ لكلامِ الرَّسولِ ، وهذا أمرٌ عظيمٌ، وتعظيمُ كلامِ اللهِ ورسولِهِ عند السَّلفِ لا يماثُله تعظيمُ أحدٍ مِن الخَلَفِ.

وهذا الفِعْلُ مِن ابنِ عُمرَ يدلُّ على تحريمِ المَنْعِ.

لكن؛ إذا تغيَّرَ الزَّمانُ فينبغي للإِنسانِ أن يُقْنِعَ أهلَه بعَدَمِ الخروجِ، حتى لا يخرجوا، ويَسْلَمَ هو مِن ارتكابِ النَّهْيِ الذي نَهَى عنه الرَّسولُ .

وقوله: «إذا استأذنت المرأة» يشمَلُ الشَّابةَ والعجوزَ، والحسناءَ والقبيحةَ.

وقوله: «إلى المسجد» يدلُّ على أنَّها لو استأذنت لغير ذلك


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب انتظار الناس قيام الإمام العالم (٨٦٩)؛ ومسلم، كتاب الصَّلاة، باب أمر النساء المصليات وراء الرجال … (٤٤٥) (١٤٤).
(٢) أخرجه مسلم، الموضع السابق (٤٤٢) (١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>