للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان يفعلُ معصيةً فمعصيتُه على نفسِه، لكن لو فَعَلَ معصيةً تتعلَّقُ بالصَّلاةِ بأن كان هذا الإِمامُ إذا دخلَ في الصَّلاةِ أتى بما يبطِلَها، فلا تصحُّ الصَّلاةُ خلفَه؛ لأن صلاتَه لا تصحُّ؛ لفعلِهِ محرَّماً في الصَّلاةِ؛ لأنَّ معصيتَه تتعلَّقُ بالصَّلاةِ، أما إذا كانت معصيتُه خارجةً عنها فهي عليه.

وهذا القولُ لا يَسَعُ الناسَ اليومَ إلا هو؛ لأننا لو طبَّقنا القولَ الأولَ على الناسِ؛ ما وجدنا إماماً يصلحُ للإِمامة إلا نادراً.

واحتجَّ الذين قالوا: لا تصحُّ خلفَ الفاسقِ بما يُروى عنه أنه قال: «لا يَؤمَّنَّ فاجرٌ مؤمناً» (١) وهذا الحديثُ ضعيفٌ، وعلى تقدير صِحَّتهِ فإن المرادَ بالفاجرِ الكافرَ؛ لقول الله تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ *إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ *وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ *يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ *وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ *﴾ [الانفطار] والفاجرُ الذي لا يغيبُ عن جهنَّم كافر؛ لأن الفاجرَ الذي فيه إيمانٌ يمكن أنْ يغيبَ عن جهنَّم؛ ولقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ *كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ *كِتَابٌ مَرْقُومٌ *وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ *الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ *﴾ [المطففين]، فتبيَّنَ الآن أن الفاجرَ يُطلقُ على الكافر، وحينئذٍ لا يكون في الحديث دليلٌ على عدم صِحَّةِ إمامةِ الفاسق لأنَّه إنْ كان ضعيفاً لم يصحَّ الاستدلالُ به، وإنْ لم يكن ضعيفاً كان محتملاً لوجهين، وإذا دخله احتمالُ الوجهين


(١) أخرجه ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب في فرض الجمعة (١٨٧٨). والبيهقي (٣/ ١٧١). وانظر كلام الشيخ أعلاه عن درجة الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>