للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الغالب إلاَّ في آخر النَّهار، لكن لما كان ناشئاً عن طاعة الله صار أطيبَ عند الله من ريح المسك، وإِذا كان أطيبَ عند الله من ريح المسك فإِنَّه لا ينبغي أن يُزالَ، بدليل أنَّ دمَ الشَّهيد الذي عليه لا يُزالُ، بل يجب أن يبقى عليه وأن يُدفن في ثيابه وبدمائه، كما أمر النبيُّ بذلك في شُهداء أحد (١)، قالوا: فكلُّ ما كان ناشئاً عن طاعة الله فإِنه لا ينبغي إِزالتُه، ولذلك كُرِه للصَّائم التَّسوُّك بعد الزَّوال، وأما قبل الزَّوال فقالوا: يُستحب بيابس ويُباح برطب. فجعلوا السِّواك للصَّائم على ثلاثة أوجه: مباح برطب قبل الزَّوال، ومسنون بيابس قبل الزَّوال، ومكروه بعد الزَّوال مطلقاً (٢).

واستدلُّوا على أنَّه مسنون للصَّائم قبل الزَّوال: بعموم الأدلة.

وعلى أنَّه مباح برطْبٍ: أنَّه لرطُوبته يُخشى أن يتسرَّب منه طعمٌ يصل إلى الحلق فيُخِلَّ بصيامه؛ ولهذا قال النبيُّ للقيط بن صَبِرة: «وبالغْ في الاستنشاقِ إِلا أن تكونَ صائماً» (٣).


(١) رواه البخاري، كتاب الجنائز: باب الصلاة على الشهيد، رقم (١٣٤٣)، من حديث جابر بن عبد الله.
(٢) انظر: «المغني» (١/ ١٣٨)، «شرح منتهى الإِرادات» (١/ ٣٨).
(٣) رواه أحمد (٤/ ٣٣، ٢١١)، وأبو داود، كتاب الطهارة: باب في الاستنثار، رقم (١٤٢)، والنسائي كتاب الطهارة: باب المبالغة في الاستنشاق، (١/ ٦٧) رقم (٨٧)، والترمذي، كتاب الصوم: باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، رقم (٧٨٨)، وابن ماجه، كتاب الطهارة: باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار، رقم (٤٠٧).
وصَحَّحه جمعٌ منهم: الترمذي، وابن خزيمة، والحاكم، والنووي وغيرهم.
انظر: «الخلاصة» رقم (١٤٩)، «شرح صحيح مسلم» للنووي رقم (٢٢٦)، «المحرر» (١/ ١٠٣) رقم (٤٥)، «التلخيص» رقم (٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>