للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دماءهم؛ لأنهم يُبْعثونَ يوم القيامة، الجرح يَثْعُبُ دماً، اللونُ لونُ الدَّمِ، والرِّيحُ ريحُ المسكِ، فلا ينبغي أن يُزالَ هذا الشَّيءُ الذي سيوجدُ يوم القيامة.

ونظير هذا قوله في الذي مات في عرفة «كَفِّنُوه في ثَوبيه» (١)، ولهذا ينبغي فيمن مات محرماً أن لا نطلب له خِرْقَة جديدة، بل نكفِّنُه في ثياب إحرامه التي عليه؛ لأنه كما قال النبيُّ : «يُبعث يوم القيامة ملبِّياً» (٢٦٠).

الوجه الثاني: أنَّ ربط الحُكم بالزَّوال مُنتقضٌ؛ لأنه قد تحصُل هذه الرَّائحة قبل الزَّوال؛ لأن سبَبَها خلوُّ المعدة من الطَّعام، وإِذا لم يتسحَّر الإِنسان آخر الليل فإِنَّ معدته ستخلو مبكِّرة؛ وهم لا يقولون: متى وُجِدت الرَّائحة الكريهة كُرِه السِّواك؟!

الوجه الثالث: أنَّ من النَّاس من لا توجد عنده هذه الرَّائحة الكريهة، إِما لصفاء معدته، أو لأنَّه معدته لا تهضم بسرعة، فتكون هذه العِلَّة منتقضة، وإِذا انتقضت العِلَّة انتقض المعلول؛ لأن العِلَّة أصلٌ والمعلول فرعٌ.

والرَّاجح أن السِّواك سُنَّةٌ حتى للصَّائم قبل الزَّوال وبعده، ويؤيِّده حديث عامر بن ربيعة ـ والذي ذَكَره البخاريُّ تعليقاً ـ: «رأيت النبيَّ يَسْتَاك وهو صائمٌ، ما لا أُحصي أو أَعُدُّ» (٢).


(١) رواه البخاري، كتاب جزاء الصيد: باب سُنَّة المحرم إِذا مات، رقم (١٨٥١) واللفظ له، ومسلم، كتاب الحج: باب ما يُفعل بالمحرم إِذا مات، رقم (١٢٠٦) من حديث عبد الله بن عباس .
(٢) رواه البخاري تعليقاً بصيغة التمريض، كتاب الصوم: باب السّواك الرطب واليابس للصائم، انظر رقم (١٩٣٤). ووصله أحمد (٣/ ٤٤٥)، وأبو داود، كتاب الصوم: باب السواك للصائم، رقم (٢٣٦٤)، والترمذي، كتاب الصوم: باب ما جاء في السواك للصائم، رقم (٧٢٥) وقال: حديث حسن، وابن خزيمة رقم (٢٠٠٧). ومداره على عاصم بن عبيد الله، قال الحافظ فيه: ضعيف.
انظر: «التقريب» (٣٠٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>