للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتبة الثالثة: إذا لم يمكن نَفْيُ الصِّحَّةِ؛ بأن يوجد دليلٌ على صِحَّةِ المنفيِّ فهو نَفْيٌ للكمالِ، مثل قوله : «لا يؤمِنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لنفسِه» (١) لأنَّ مَن لا يُحِبُّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسِه لا يكون كافراً، لكن ينتفي عنه كمالُ الإِيمان فقط.

وتنظيرهم بقوله : «لا صلاةَ بحَضْرةِ طعام» (٢) فيه نَظَرٌ، لأنَّ العِلَّةَ بنفي الصَّلاةِ بحَضْرةِ طعامٍ هي تشويشُ الذِّهنِ، فإنَّ الرَّسولَ كان إذا سَمِعَ بكاءَ الصَّبيِّ أوجز في الصَّلاةِ لئلا تُفْتَتَنَ أمُّه (٣). وأمُّه سوف تبقى في صلاتِها، لكن يُشوِّشُ عليها بكاءُ ولدِها.

وأيضاً: أخبرَ النَّبيُّ : «أنَّ الشَّيطانَ يأتي إلى المصلي فيقول: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكره» (٤)، وهذا لا شك أنه يوجب غفلة القلب، فيدل هذا الحديث والذي قبله على أن مجرد التشويش وانشغال القلب لا يبطل الصلاة فيكون قوله: «لا صلاة بحضرة طعام» (٥) غير موجب لبطلان الصلاة فبطل التنظير.

وأما قولُهم بأنَّ أَمْرَ النَّبيِّ الرجل الذي صَلَّى منفرداً خلفَ الصَّفِّ أن يعيدَ الصَّلاةَ (٦)، قضيةُ عَين .. إلخ.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه (١٣)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه (٤٥) (٧١).
(٢) تقدم تخريجه (٣/ ٢٣٥).
(٣) تقدم تخريجه ص (١٩٢).
(٤) تقدم تخريجه (٣/ ٣٣٥).
(٥) تقدم تخريجه (٣/ ٢٣٥).
(٦) تقدم تخريجه ص (٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>