فجوابه: أنَّ الواجبَ حَمْلُ النَّصِّ على ظاهرِه المُتَبَادَر منه، إلا أنْ يَدلَّ دليلٌ على خِلافِهِ. والمُتَبَادَر هنا: أنَّ النَّبيَّ ﷺ أَمَرَهُ بالإِعادةِ؛ لكونه صَلَّى منفرداً خلفَ الصَّفِّ؛ كما يفيده سياقُ الكلامِ، والأصلُ عدمُ ما سواه.
إذاً؛ فالقولُ الرَّاجحُ أنَّ الصَّلاةَ خلفَ الصَّفِّ منفرداً غيرُ صحيحةٍ، بل هي باطلةٌ يجب عليه إعادتُها. ولكن؛ إذا قال قائلٌ: أفلا يكون القولُ الوسط هو الرَّاجح، وأنه إذا كان لعُذْرٍ صحَّت الصَّلاةُ؟
فالجواب: بلى، القولُ الوسطُ هو الرَّاجحُ، وأنَّه إذا كان لعُذرٍ صحَّت الصَّلاةُ؛ لأنَّ نَفْيَ صحَّةِ صلاةِ المنفردِ خلفَ الصَّفِّ يدلُّ على وجوبِ الدُّخولِ في الصَّفِّ؛ لأنَّ نَفْيَ الصِّحَّةِ لا يكون إلا بفعلِ مُحرَّمٍ أو تَرْكِ واجبٍ، فهو دالٌّ على وجوبِ المُصافَّةِ، والقاعدةُ الشرعيةُ أنَّه لا واجبَ مع العجزِ، لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، وقوله: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، فإذا جاء المصلِّي ووَجَدَ الصَّفَّ قد تَمَّ فإنَّه لا مكان له في الصَّفِّ، وحينئذٍ يكون انفرادُه لعُذرٍ فتصِحُّ صلاتُه، وهذا القولُ وسطٌ، وهو اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيمية ﵀، وشيخِنا عبد الرحمن بن سَعدي. وهو الصَّوابُ.
فإن قال قائل: لماذا لا تقولون بأنْ يجذِبَ أحدَ النَّاسِ مِن الصَّفِّ؟
فالجواب: إنَّنا لا نقولُ بذلك؛ لأنَّ هذا يستلزمُ مَحاذير: