للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصغر والأكبر، فلا يُقال: ما وجب في طهارة الماء وجب في طهارة التيمُّم، لكن الاحتياط أولى فيسمِّي عند التيمُّم أيضاً.

والمتأمِّل لحديث عمَّار بن ياسر وهو قوله : «إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا» (١)، يستفيد منه أن التسمية ليست واجبة في التيمُّم.

والتَّسميةُ في الشَّرع قد تكون شرطاً لصحَّة الفعل، وقد تكون واجباً، وقد تكون سُنَّةً، وقد تكون بدعةً. فتكون شرطاً لصحَّة الفعل كما في الذَّكاة والصَّيد، فلا تسقط على الصَّحيح لا عمداً، ولا جهلاً، ولا سهواً، فإِذا ذَبَحَ، أو صاد ونسي التَّسميةَ؛ صار المذبوح والصَّيد حراماً.

والمذهب: إِذا رمى صيداً ونسيَ أن يُسمِّيَ صار حراماً، وإِن ذَبَحَ ونسيَ أن يُسمِّي صار حلالاً (٢)! وهذا من غرائب العلم، فإِنَّ الصَّيد أولى بالعُذر؛ فكيف يُعذر النَّاس في الذَّبيحة، ولا يُعذرون في الصَّيد؟! مع أنَّ الغالب أنَّ الإِنسان إذا رأى صيداً يستعجل وينسى التَّسمية. ودليل المذهب ـ على أن التَّسمية لا تسقط في الصَّيد سهواً ـ قوله : «إذا أرسلت كَلْبَك وسمَّيت فَكُلْ» (٣)، ومقتضى ذلك أنَّك إِذا لم تذكر اسم الله فلا تأكلْ.


(١) رواه البخاري، كتاب التيمم: باب التيمم ضربة، رقم (٣٤٧)، واللفظ له، ومسلم كتاب الحيض: باب التيمم، رقم (٣٦٨).
(٢) انظر: «الإِقناع» (٤/ ٣١٩، ٣٣٤).
(٣) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد: باب صيد المعراض، رقم (٥٤٧٦)، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح: باب الصيد بالكلاب المعلمة، رقم (١٩٢٩) من حديث عدي بن حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>