وكأنها صلاة ظهر، وهذا لا شك أنه خلاف مقصد الشرع وهدي الرسول ﷺ؛ ولهذا جزم المؤلف بتحريم إقامتها في أكثر من موضع في البلد.
وقوله:«إلا لحاجة»، والمراد بالحاجة هنا: ما يشبه الضرورة؛ لأن هناك ضرورة وحاجة، والفرق بين الحاجة والضرورة:
أن الحاجة: هي التي يكون بها الكمال.
والضرورة: هي التي يندفع بها الضرر؛ ولهذا نقول: المحرَّم لا تبيحه إلا الضرورة، قال الله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٩].
مثال الحاجة: إذا ضاق المسجد عن أهله، ولم يمكن توسيعه؛ لأن الناس لا يمكن أن يصلوا في الصيف في الشمس، ولا في المطر في أيام الشتاء.
وكذا إذا تباعدت أقطار البلد، وصار الناس يشق عليهم الحضور فهذا أيضاً حاجة، لكن في عصرنا الآن ليس هناك حاجة من جهة البعد، بل هناك حاجة من جهة الضيق؛ لأن الذين يأتون بالسيارات من أماكن بعيدة يحتاجون إلى مواقف، وقد لا يجدون مواقف، لكن إذا كان هناك مواقف، أو كانت السيارات قليلة فإنه يجب على الإنسان أن يحضر ولو بعيداً، ويقال للقريبين: لا تأتوا بالسيارات؛ لأجل أن يفسحوا المجال لمن كانوا بعيدين.
ومن الحاجة أيضاً: أن يكون بين أطراف البلد حزازات وعداوات، يخشى إذا اجتمعوا في مكان واحد أن تثور فتنة، فهنا