فهذا الحديث لا يقاوم ما أخرجه الأئمة السبعة وغيرهم، وهو حديث أبي سعيد الذي ذكرناه آنفاً:«غسل الجمعة واجب على كل محتلم»، ثم إن الحديث من حيث السند ضعيف؛ لأن كثيراً من علماء الحديث يقولون: إنه لم يصح سماع الحسن عن سمرة إلا في حديث العقيقة، وإن كنا رجّحنا في المصطلح: أنه متى ثبت سماع الراوي من شيخه، وكان ثقة ليس معروفاً بالتدليس، فإنه يحمل على السماع، على أن الحسن ﵀ رماه بعض العلماء بالتدليس، ثم إن هذا الحديث من حيث المتن إذا تأملته وجدته ركيكاً ليس كالأسلوب الذي يخرج من مشكاة النبوة «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت» … «بها» أين مرجع الضمير؟ ففيه شيء من الركاكة أي: الضعف في البلاغة «ومن اغتسل فالغسل أفضل» فيظهر عليه أنه من كلام غير النبي ﷺ.
فالذي نراه وندين الله به، ونحافظ عليه أن غسل الجمعة واجب، وأنه لا يسقط إلا لعدم الماء، أو للضرر باستعمال الماء، ولم يأت حديث صحيح أن الوضوء كاف، وأما ما ورد في صحيح مسلم عن النبي ﷺ قال:«من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام»(١)، فإنه مرجوح، لاختلاف الرواة، فبعضهم قال:«من اغتسل» وهذه أرجح، وبعضهم قال:«من توضأ».
مسألة: بقي أن يقال: إذا لم يجد الماء، أو تضرر
(١) أخرجه مسلم (٨٥٧) (٢٦) (٢٧)، وقدم لفظ «من اغتسل»، وهو عن أبي هريرة ﵁.