فخص المؤلف ﵀«في سبيل الله» بالغزاة الذين ليس لهم ديوان، أي ليس لهم شيء من بيت المال يعطونه على غزوهم وهذا هو المذهب، وفي هذا تخصيص للآية من وجوه:
الوجه الأول: أنه جعل في سبيل الله الجهاد فقط.
الوجه الثاني: أنه جعله للمجاهدين فقط.
الوجه الثالث: أنه جعله للمجاهدين المتطوعة الذين لا ديوان لهم.
فأما تخصيصه بالجهاد في سبيل الله فلا شك فيه، خلافاً لمن قال: إن المراد في سبيل الله كل عمل برٍ وخير، فهو على هذا التفسير كل ما أريد به وجه الله، فيشمل بناء المساجد، وإصلاح الطرق، وبناء المدارس، وطبع الكتب، وغير ذلك مما يقرب إلى الله ﷿؛ لأن ما يوصل إلى الله من أعمال البر لا حصر له.
ولكن هذا القول ضعيف؛ لأننا لو فسرنا الآية بهذا المعنى لم يكن للحصر فائدة إطلاقاً، والحصر هو ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ … ﴾ [التوبة: ٦٠] الآية، وهذا وجه لفظي.
أما الوجه المعنوي فلو جعلنا الآية عامة في كل ما يقرب إلى الله ﷿ لحرم من الزكاة من تيقن أنه من أهلها؛ لأن الناس إذا علموا أن زكاتهم إذا بني بها مسجد أجزأت بادروا إليه لبقاء نفعه إلى يوم القيامة.