للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوجب افتراقهما، سواء علمنا تلك الفوارق أم جهلناها، ومن ظن افتراق ما جمع الشارع بينهما أو اجتماع ما فرق الشارع بينهما فظنه خطأ بلا شك، فإن الشرع نزل من لدن حكيم خبير.

الثاني: أن الثياب لم تجب الزكاة فيها أصلاً، فلم تكن الزكاة فيها واجبة أو ساقطة بحسب القصد، وإنما الحكم فيها واحد، وهو عدم وجوب الزكاة، فكان مقتضى القياس أن يكون حكم الحلي واحداً وهو وجوب الزكاة، سواء أعدّه للبس أو لغيره، كما أن الثياب حكمها واحد لا زكاة فيها، سواء أعدها للبس أو لغيره، ولا يرد على ذلك وجوب الزكاة فيها إذا كانت عروضاً؛ لأن الزكاة حينئذ في قيمتها.

الثالث: أن يقال: ما هو القياس الذي يراد الجمع به بين الحلي المعد للاستعمال والثياب المعدة له أهو قياس التسوية أم قياس العكس؟

فإن قيل: هو قياس التسوية.

قيل: هذا إنما يصح لو كانت الثياب تجب فيها الزكاة قبل إعدادها للبس والاستعمال، ثم سقطت الزكاة بعد إعدادها ليتساوى الفرع والأصل في الحكم، وإن قيل: هو قياس العكس قيل: هذا إنما يصح لو كانت الثياب لا تجب فيها الزكاة إذا لم تعد للبس، وتجب فيها إذا أعدت للبس، فإن هذا هو عكس الحكم في الحلي عند المفرقين بين الحلي المعد للبس وغيره (١).


(١) إن الثياب لم تجب الزكاة فيها أصلاً، فلم تكن الزكاة واجبة، أو ساقطة بحسب القصد، كالذهب والفضة على زعمهم إن قصدت للتحلي سقطت، وإن قصدت لأمر آخر لم تسقط، فكان مقتضى القياس عدم وجوب الزكاة، وأن يكون حكم الحلي واحداً، وهو وجوب الزكاة سواء قصد بها التحلي أو لا؛ لأن القياس ينقسم إلى قسمين هما:
١ ـ قياس تسوية: يسوى بين الفرع والأصل في الحكم.
٢ ـ قياس عكس: يعطي الفرع نقيض حكم الأصل.
وقد ثبت قياس العكس بقول النبي : «وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له بها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر، فكذلك لو وضعها في حلال كان له بها أجر» (١) فهذا يسمى قياس العكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>