نقول: الأفضل أن يفعلا الأيسر، فإن كان في الصوم ضرر كان الصوم حراماً لقوله تعالى ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩] فإن هذه الآية تدل على أن ما كان ضرراً على الإنسان كان منهياً عنه.
فإذا قال قائل: هذا في القتل فقط لا في مطلق الضرر؟
فالجواب: نعم هذا ظاهر الآية، لكن عمرو بن العاص ﵁ استدل بها على نفي الضرر فأقره النبي ﷺ على ذلك، وذلك أنه بعثه مع سرية فأجنب فتيمم ولم يغتسل، فقال له النبي ﷺ:«أصليت بأصحابك وأنت جنب؟» فقال: يا رسول الله ذكرت قول الله تعالى ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وكانت الليلة باردة فتيممت، فضحك الرسول ﷺ(١) تقريراً لفعله، وهذا يدل على أن الآية تتضمن النهي عن قتل النفس، وكل ما كان فيه ضرر.
وعليه فنقول: إذا كان الصوم يضر المريض كان الصوم حراماً عليه.
فإذا قال قائل: ما مقياس الضرر؟
قلنا: إن الضرر يعلم بالحس، وقد يعلم بالخبر؛ أما بالحس فأن يشعر المريض بنفسه أن الصوم يضره، ويثير عليه الأوجاع، ويوجب تأخر البرء، وما أشبه ذلك.
(١) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة التمريض في التيمم/ باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت … ، ووصله أبو داود في الطهارة/باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم؟ (٣٣٤)، والدارقطني (١/ ١٧٨) وصححه ابن حبان (١٣١٥) والحافظ في الفتح.